المسلمون، ويتبركون بمكانتهم، قال ابن كثير: ولكن هل هم محمودون أم لا؟ فيه نظر لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد».
أقول: يحتمل أن يكون المسجد على باب الكهف وفي هذه الحال لا يكون البناء محظورا أصلا، كما حدث لقبر رسولنا عليه الصلاة والسلام.
[فائدة]
يلاحظ أنه في العصور التي كثر فيها الجهل صار كثير من المسلمين في كثير من البلدان يطلقون على أمكنة بأنها كهف أهل الكهف، والذي يبدو أن مثل هذا الاتجاه كان قديما، ومن ثم سارع ابن عباس إلى إنكاره لحظة وجوده. نقل ابن كثير عن قتادة: قال قتادة: غزا ابن عباس مع حبيب بن مسلمة، فمروا بكهف في بلاد الروم، فرأوا فيه عظاما فقال قائل: هذه عظام أهل الكهف، فقال ابن عباس:(لقد بليت عظامهم من أكثر من ثلاثمائة سنة) رواه ابن جرير.
أقول: في كلمة ابن عباس ردّ على ما يمكن أن يتوهّم أن أجسادهم لم يصبها البلى بعد وفاتهم.
سَيَقُولُونَ أي الناس ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ أي قولا بلا علم، كمن يرمي إلى مكان لا يعرفه، فإنه لا يكاد يصيب، وإن أصاب فبلا قصد، أي رميا بالخبر الخفي المغيّب، وإتيانا به بلا علم وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ الظاهر أن هذه مجموع الأقوال التي ذكرت في شأنهم. حكى ثلاثة أقوال فدل أنه لا قائل برابع، ولما ضعّف القولين الأولين، ثم حكى القول الثالث، وسكت عليه أو قرّره، فإنه أشار بذلك إلى صحته، وأنه هو الواقع في نفس الأمر قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ هذا إرشاد إلى أن الأحسن في مثل هذا المقام ردّ العلم إلى الله تعالى؛ إذ لا احتياج إلى الخوض في مثل ذلك بلا علم، فإذا أطلعنا على أمر قلنا به، وإلا وقفنا، وهو أدب إسلامي عام في كل قضية من القضايا التي لا يكون المسلم على علم تام بها ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ أي من الناس. قال ابن عباس: أنا من القليل: كانوا سبعة، وقد ساق ابن كثير مجموعة روايات إلى ابن عباس في أنه كان يقول إن عدتهم سبعة. ثم قال: فهذه أسانيد صحيحة إلى ابن عباس أنهم كانوا سبعة، وهو موافق لما قدمناه، وبعد أن أثبت صحة هذه الروايات عنه، رد الرواية التي ذكرها