عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد، واختاره ابن جرير ولم يحك سواه .. قال ابن كثير:(ومعناه أنه شرف لهم من حيث إنه أنزل بلغتهم فهم أفهم الناس له، فينبغي أن يكونوا أقوم الناس به وأعلمهم بمقتضاه. وهكذا كان خيارهم وصفوتهم من الخلّص من المهاجرين السابقين الأولين ومن شابههم وتابعهم) وقيل معناه: أي: لتذكير لك ولقومك، وتخصيصهم بالذكر لا ينفي من سواهم وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ قال ابن كثير: أي: عن هذا القرآن. وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له، وقال النسفي:
أي: وسوف تسألون عنه يوم القيامة، وعن قيامكم بحقه وعن تعظيمكم له، وعن شكركم هذه النعمة. ولنا في الفوائد عودة على هذه الآية
وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ قال ابن كثير: أي: جميع الرسل دعوا إلى ما دعوت الناس إليه من عبادة الله وحده لا شريك له، ونهوا عن عبادة الأصنام والأنداد .. وقال النسفي:(ليس المراد بسؤال الرسل حقيقة السؤال ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم والفحص عن مللهم، هل جاءت عبادة الأوثان قط في ملة من ملل الأنبياء، وكفاه نظرا وفحصا نظره في كتاب الله المعجز المصدق لما بين يديه، وإخبار الله فيه بأنهم يعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا، وهذه الآية في نفسها كافية لا حاجة إلى غيرها، وقيل إنه عليه الصلاة والسلام جمع له الأنبياء ليلة الإسراء فأمّهم وقيل له: سلهم. فلم يشكّ ولم يسأل، وقيل: معناه: سل أمم من أرسلنا وهم أهل الكتابين أي: التوراة والإنجيل، وإنما يخبرونه عن كتب الرسل فإذا سألهم فكأنه سأل الأنبياء، ومعنى هذا السؤال التقريع لعبدة الأوثان أنهم على الباطل).
[كلمة في السياق]
١ - بدأ المقطع الثاني بهاتين الآيتين اللتين تلفتان النظر إلى بعض خصائص هذا القرآن في كونه شرفا للأمة التي نزل عليها. وفي دعوته إذ دعا إلى ما دعا إليه كل رسول، وهذا يقتضي ألا ترتاب فيه الأمة التي نزل عليها، بل تحمله حق الحمل، فكيف ترتاب فيه وقد تضمّن دعوة الرسل جميعا؟! كيف وهي ستسأل عنه يوم القيامة؟!
٢ - للمفسرين قولان في تفسير كلمة (الذكر): أنّه بمعنى الشرف، وأنه بمعنى التذكير، وفي كل من القولين ذكر خاصية من خواصه تقتضي الإيمان به وعدم الريب.