عنهما لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة، وقال العوفي عنه: نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه، وقال مجاهد لا تفتاتوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم بشيء حتى يقضي الله تعالى على لسانه، وقال الضحاك: لا تقضوا أمرا دون الله ورسوله من شرائع دينكم. وقال سفيان الثوري لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بقول ولا فعل، وقال الحسن البصري لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قال لا تدعوا قبل الإمام، وقال قتادة: ذكر لنا أن ناسا كانوا يقولون: لو أنزل في كذا وكذا
لو صح كذا وكذا فكره الله تعالى ذلك وتقدم فيه).
أقول: وهناك قراءة صحيحة بفتح التاء والمعنى لا تتقدموا بين يدي الله ورسوله أي كونوا دائما وراء الكتاب والسنة، ولا تتقدّموا أمام الكتاب والسنة بقول أو رأي أو فعل، ثم تستتبعوا الكتاب والسنة لذلك، بل استنطقوا الكتاب والسند في كل شئ وسيروا على هدى ذلك، والخلاصة أن الآية تنهى نهيا جازما عن التقدم على الكتاب والسنة بشيء، وعن الإقدام على أمر من الأمور دون معرفة هدي الكتاب والسنة فيه وَاتَّقُوا اللَّهَ فيما تفعلون وتتركون، وفيما أمر الله ونهى إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لما تقولون عَلِيمٌ بما تعملون وحق مثله أن يتقى، وألا يتقدم عليه وعلى رسوله صلّى الله عليه وسلم بأمر، فصار معنى الآية: يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله في أي شأن من الشئون قولا أو فعلا، واتقوا الله أن تفعلوا شيئا من ذلك إن الله سميع عليم.
[كلمة في السياق]
١ - قلنا إن محور سورة الحجرات هي الآية التي ذكرت فريضة القتال، والآيتان بعدها، ومن هذا نقول: إن من آداب المعركة الالتزام بالكتاب والسنة والتقوى، وهذا يرشح للالتزام بأوامر القيادة الراشدة.
٢ - جاءت آية القتال في سياق الأمر بالدخول في الإسلام كله، وعدم اتباع خطوات الشيطان، وقد ظهر أثر ذلك في هذه السورة، فمن أول مظاهر الإسلام الاستسلام لله ولرسوله صلّى الله عليه وسلم، والسير وراء الكتاب والسنة، ومن أول مظاهر اتباع خطوات الشيطان متابعة الهوى في معصية الله ورسوله.