للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ أي ومن يخلص وجهه لله بانقياده لأمره، واتباعه لشرعه، وهو محسن في عمله باتباع ما به أمر، وترك ما عنه زجر فَقَدِ اسْتَمْسَكَ أي تمسّك وتعلّق بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى قال ابن كثير: (أي فقد أخذ موثقا من الله متينا أنّه لا يعذّبه). والعروة: هي ما يعلّق به الشئ، والوثقى: تأنيث الأوثق. وفسر بعضهم الآية بأنّه من يفوّض أمره لله، ويتوكّل عليه، وهو محسن بعمله فإنه مستمسك بالعروة الوثقى. قال النسفي: (مثّل حال المتوكّل بحال من أراد أن يتدلّى من شاهق، فاحتاط لنفسه بأن استمسك بأوثق عروة من حبل متين مأمون انقطاعه) وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أي هي صائرة إليه فيجازي عليها

وَمَنْ كَفَرَ ولم يسلم وجهه لله فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ أي فلا يهمنّك كفر من كفر إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أي فنعاقبهم على أعمالهم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي إن الله يعلم ما في صدور عباده فيفعل بهم على حسبه

نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا أي زمانا قليلا في الدنيا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ أي نلجئهم إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ أي شديد فظيع صعب شاقّ على النفوس، شبّه إلزامهم التعذيب، وإرهاقهم إياه، باضطرار المضطر إلى الشئ

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ هذا إلزام لهم على إقرارهم بأن الذي خلق السموات والأرض هو الله وحده، وأنه يجب أن يكون له الحمد والشكر وألا يعبد معه غيره بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أن ذلك يلزمهم وإذا نبّهوا عليه لم ينتبهوا

لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فالكل خلقه وملكه إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ الغني عن حمد الحامدين، الحميد المستحق للحمد وإن لم يحمده أحد

لَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ أي ولو أن أشجار الأرض أقلام، والبحر ممدود بسبعة أبحر، وكتبت بتلك الأقلام، وبذلك المداد كلمات الله لما نفدت كلماته، ونفدت الأقلام والمداد إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يعجزه شئ حَكِيمٌ في خلقه وأمره وأقواله وأفعاله وشرعه وجميع شئونه

ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ أي إلا كخلق نفس واحدة، وبعث نفس واحدة. أي سواء في قدرته القليل والكثير، فلا يشغله شأن عن شأن إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لأقوالهم بَصِيرٌ بأفعالهم كسمعه وبصره بالنسبة إلى نفس واحدة.

فكذلك قدرته عليهم كقدرته على نفس واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>