الآثار كلها والله المستعان، فهذه الأحاديث دالة على أن الله- عزّ وجل- استخرج ذرية آدم من صلبه، وميز بين أهل الجنة وأهل النار، وأما الإشهاد عليهم هناك بأنه ربهم فما هو إلا في حديث كلثوم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وفي حديث عبد الله بن عمرو، وقد بينا أنهما موقوفان لا مرفوعان كما تقدم، ومن ثم قال قائلون من السلف والخلف: إن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد، كما تقدم في حديث أبي هريرة وعياض بن عمار المجاشعي، ومن رواية الحسن البصري عن الأسود ابن سريع وقد فسر الحسن الآية بذلك، قالوا: ولهذا قال: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ. ولم يقل من آدم. وقال مِنْ ظُهُورِهِمْ ولم يقل من ظهره وقال ذُرِّيَّتَهُمْ. أي جعل نسلهم جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن.»
[ولنعد إلى التفسير الحرفي]
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ. على اليهود أو على الناس نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا. أي أعطيناه كرامات وفتحنا عليه في فهم آياتنا فَانْسَلَخَ مِنْها. أي فخرج من الآيات بأن كفر بها ونبذها وراء ظهره فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ. أي فلحقه الشيطان وصار قرينا له فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ. أي فصار من الضالين الكافرين
وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ.
إلى منازل الأبرار من العلماء بِها أي بالآيات وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ. أي: مال إلى الدنيا ورغب فيها وَاتَّبَعَ هَواهُ. أي: فى إيثار الدنيا ولذاتها على الآخرة ونعيمها فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ أي إن تزجره وتطرده يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ غير مطرود يَلْهَثْ. والمعنى فصفته التي هي مثل في الخسة، هي صفة الكلب في أخس أحواله وأذلها وهي حال دوام اللهث به سواء حمل عليه أي شد عليه وهيج فطرد، أو ترك غير متعرض له بالحمل عليه، وذلك أن سائر الحيوان لا يكون منه اللهث إلا إذا حرك، أما الكلب فيلهث فى الحالين. وسياق الكلام يفهم منه أنه قد حط أبلغ حط حتى أصبح كمثل الكلب ذليلا دائم الذلة لاهثا في الحالين ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا. أي من الكافرين فَاقْصُصِ الْقَصَصَ. أي هذه القصة وغيرها مما فيه العظة لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ فيحذرون مثل عاقبته إذا ساروا نحو سيرته
ساءَ مَثَلًا أي ساء المثل مثلا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ. أي الذين جمعوا بين التكذيب بآيات الله وظلم أنفسهم أو المعنى: أنهم بتكذيب الآيات خصوا أنفسهم بالظلم