إن سورة المؤمنون محورها الآيات الخمس التي آخرها قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ والملاحظ أن هذه الآية جاءت بعد قوله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ومن ثم فإن في آية هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً تدليلا على وجود الله، وتدليلا على اليوم الآخر. وقد لاحظنا أن المقطع الأول انتهى بالتذكير بما ينبغي أن يكون عليه الناس من شكر المنعم، والآن يعود السياق إلى ذكر النعم أي إلى تفصيل قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ......... وعقب على ذلك بذكر إنكارهم لليوم الآخر، ولو تذكرنا محور السورة لأدركنا الصلة بين الموضوعين، فلنر كيف ردت المجموعة على إنكارهم لليوم الآخر:
...
قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي من مالكها الذي خلقها ومن فيها من الحيوانات والنباتات والثمرات وسائر صنوف المخلوقات، إن كان عندكم علم؟
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ لأنهم يقرون بأنه الخالق، فإذا أقروا بذلك قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ فتعلموا أن من فطر الأرض ومن فيها، كان قادرا على إعادة الخلق وكان حقيقا بألا يشرك به بعض خلقه في الربوبية
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أي من هو خالق العالم العلوي سماواته وعرشه!؟
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ. وإذا اعترفوا بمالكية الله له فقد اعترفوا بربوبيته وإذا اعترفوا: قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ أي أفلا تخافون فلا تشركون به، أو أفلا تتقون في جحودكم قدرته على البعث، مع اعترافكم بقدرته على خلق الأشياء
قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ أي بيده الملك وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ يعني وهو يغيث من يشاء ممن يشاء، ولا يغيث أحد منه أحدا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ أي سيعرفون أن السيد العظيم الذي يجير ولا يجار عليه هو الله وحده لا شريك له قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ أي فكيف تذهب عقولكم في عبادتكم معه غيره، مع اعترافكم وعلمكم بذلك، وكيف تذهب عقولكم فلا تؤمنون باليوم الآخر. قال النسفي في تفسير تسحرون: تخدعون عن الحق، أو عن