د- وروى عبد الرزاق ... عن أبي هريرة في قوله إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ، ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ قال يحشر الخلق كلهم يوم القيامة. البهائم والدواب والطير وكل شئ فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجمّاء من القرناء، ثم يقول كوني ترابا، فلذلك يقول الكافر: يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً.
هذان اتجاهان للمفسرين في هذا الموضوع، والذي نفهمه نحن أنّ ما نص الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم على حشره يحشر، وما لم ينص على حشره فموته حشره حتى لا يقال إن الجراثيم وما أشبهها في الخلق تبعث وتحشر أو نقول: إن هناك حدّا معيّنا من الإدراك إذا وجد ترتب عليه حشر، وإذا لم يوجد لم يكن حشر، ويتحقق العدل الإلهي في الحيوانات التي لا تحشر بالشكل الذي يعلمه الله- عزّ وجل- ونرجو أن نكون بذلك قد جمعنا بين القولين بما لم نعطّل به نصا، ولم نشأ أن نتحدث عن هذا الموضوع بما يبعد هذا التفسير عن بساطته وسهولة الوصول إلى معانيه.
رأينا أن هناك اتجاهين للمفسرين في تفسير الكتاب في قوله تعالى: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ قال الألوسي: ذاكرا أدلة من ذهب إلى أن المراد بذلك القرآن:
«والمراد من الكتاب القرآن، واختاره البلخي وجماعة. فإنه ذكر فيه جميع ما يحتاج إليه من أمر الدين والدنيا، بل وغير ذلك، إما مفصّلا، وإما مجملا، فعن الشافعي عليه الرحمة: ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا في كتاب الله تعالى الهدى فيها.
وروى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «لعن الله تعالى الواشمات، والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلّجات للحسن، المغيرات خلق الله تعالى، فقالت له امرأة في ذلك. فقال: ما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو في كتاب الله تعالى.
فقالت له: قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول. قال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا. قالت:
بلى. قال: فإنه عليه الصلاة والسلام قد نهى عنه». وقال الشافعي رحمه الله تعالى مرة بمكة: سلوني عما شئتم أخبركم عنه من كتاب الله تعالى. فقيل له؟ ما تقول في المحرم يقتل الزنبور: فأجاب بأنه يقتله واستدل عليه بنحو استدلال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وأخرج ابن جرير. وابن أبي حاتم عنه أنه قال: يقال: أنزل في هذا القرآن كل علم