للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم وبال البخل، والشرية لهم في الآخرة متحققة، وقد يكون بخلهم شرا عليهم في الدنيا كذلك بما يصيبهم بسبب هذا البخل من كراهية، وثورات عليهم، وعقوبات دنيوية وربانية. سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ هذا تفسير للشر الذي يصيبهم بسبب بخلهم في الآخرة. ومعناه أن الله سيجعل مالهم الذي منعوه عن الحق طوقا في أعناقهم يوم القيامة، كما شرحته السنة. وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.

أي: وله ما فيهما مما يتوارثه أهلها من مال وغيره، فما لهم يبخلون عليه بملكه، ولا ينفقونه في سبيله. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ لا يغيب عنه ظاهر العمل ولا باطنه، فاعملوا خيرا، وأخلصوا نياتكم وضمائركم لله فيه، لتنقذوا أنفسكم من عذابه، وتنالوا رضوانه.

لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ قال ذلك اليهود عليهم اللعنة عتوا على الله في تحريفهم لمراد الله من أوامره، ومعنى سماع الله له: أنه لم يخف عليه، وأنه أعد له كفاء من العقاب. سَنَكْتُبُ ما قالُوا هذا تهديد ووعيد لهم، ومعناه: سنحفظه عليهم، ونحاسبهم عليه، أو سنأمر الحفظة بكتابة ما قالوا في الصحائف؛ لنجزيهم عليه. وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ. أي: سنكتب قولهم هذا، وقتلهم الأنبياء، فجعل قتلهم الأنبياء قرينا لهذا القول إيذانا بأنهما في العظم أخوان، وأن من قتل الأنبياء لم يستبعد منه الاجتراء على هذا القول، فهؤلاء جرآء على رسله، وسيجزيهم الله على ذلك شر الجزاء، ولذلك قال: وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ. أي: ونقول لهم يوم القيامة ذوقوا عذاب النار، قال الضحاك: يقول لهم ذلك خزنة جهنم،

ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ. أي: ذلك العذاب بما قدمتم من الكفر، والمعاصي، والجرأة على الله ورسله. وذكر الأيدي لأن أكثر الأعمال يكون بها، فجعل كل عمل كالواقع بالأيدي على سبيل التغليب. وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ. أي: إن الله لا يظلم عباده، فلا يعاقبهم بغير جرم. ويقال لهم هذا تقريعا وتوبيخا، وتحقيرا وتصغيرا،

ثم بين الله عتو هؤلاء وجرأتهم وكذبهم: الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ. أي: إنهم ادعوا أن الله أمرهم بالتوراة، بألا يؤمنوا برسول، فيصدقوه، ويتابعوه، إلا إذا قرب قربانا لله، فتنزل نار من السماء فتأكله، والقربان: ما يتقرب به إلى الله. والمعنى:

افعل هذا يا محمد نصدقك!! وقد أمر الله رسوله أن يرد عليهم، قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ. أي: بالحجج، والبراهين، والمعجزات، سوى القربان،

<<  <  ج: ص:  >  >>