للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان علينا، فافتد نفسك وابني أخيك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب، وحليفك عتبة بن عمرو أخي بني الحارث بن فهر». قال:

ما ذاك عندي يا رسول الله. فقال: «فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل؟ فقلت لها: إن أصبت في سفري هذا فهذا المال الذي دفنته لبني الفضل، وعبد الله وقثم» قال: والله يا رسول الله إني لأعلم أنك رسول الله، إن هذا لشئ ما علمه أحد غيري، وغير أم الفضل، فاحسب لي يا رسول ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ذاك شئ أعطانا الله تعالى منك» ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه فأنزل الله عزّ وجل فيه يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قال العباس: فأعطاني الله مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبدا، كلهم في يده مال يضرب به، مع ما أرجو من مغفرة الله عزّ وجل.

وفي إنجاز وعده تعالى: إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ نذكر الرواية التالية عن حميد بن هلال قال: بعث ابن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من البحرين ثمانين ألفا. ما أتاه مال أكثر منه، لا قبل ولا بعد. قال: فنثرت على حصير ونودي بالصلاة. قال: وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فمثل قائما على المال، وجاء أهل المسجد، فما كان يومئذ عدد ولا وزن ما كان إلا فيضا، وجاء العباس بن عبد المطلب فحثا في خميصة عليه وذهب يقوم فلم يستطع، قال: فرفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: ارفع علي، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج ضاحكه أو نابه وقال له: «أعد من المال طائفة وقم بما تطيق» قال: ففعل، وجعل العباس يقول: وهو منطلق: أما إحدى اللتين وعدنا الله فقد أنجزنا، وما ندري ما يصنع في الأخرى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى الآية ثم قال: هذا خير مما أخذ منا، وما أدري ما يصنع الله في الأخرى، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماثلا على ذلك المال حتى ما تبقي منه درهم، وما بعث إلى أهله بدرهم، ثم أتى الصلاة فصلى وفي مثل هذه الحادثة، وفي مثل هذه الآية يجد الإنسان نموذجا أو لونا من ألوان الإعجاز في القرآن.

[كلمة في السياق]

رأينا أن محور سورة الأنفال هو آيات سورة البقرة:

<<  <  ج: ص:  >  >>