للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال الألوسي في تقديمه لسورة الرعد]

(جاء من طريق مجاهد عن ابن عباس وعلي ابن أبي طلحة: أنها مكية وروي ذلك عن سعيد بن جبير قال سعيد بن منصور في سننه: حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر قال: سألت ابن جبير عن قوله تعالى: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ هل هو عبد الله بن سلام؟ فقال: كيف وهذه السورة مكية.

وأخرج مجاهد عن ابن الزبير وابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس، ومن طريق ابن جريج وعثمان عن عطاء عنه، وأبو الشيخ عن قتادة: أنها مدنية إلا أن في رواية الأخير استثناء قوله تعالى: وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ ..

الآية فإنها مكية. وروي أن أولها إلى آخر وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً الآية مدني، وباقيها مكي. وفي الإتقان: يؤيد القول بأنها مدنية ما أخرجه الطبراني وغيره عن أنس: أن قوله تعالى اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى إلى قوله وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ نزل في قصة أربد بن قيس، وعامر بن الطفيل حين قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال والذي يجمع به بين الاختلاف أنها مكية إلا آيات منها. وهي ثلاث وأربعون آية في الكوفي .. ووجه مناسبتها لما قبلها أنه سبحانه قال فيما تقدم: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ فأجمل سبحانه الآيات السماوية والأرضية، ثم فصل جل شأنه ذلك هنا أتم تفصيل، وأيضا أنه تعالى قد أتى هنا مما يدل على توحيده عزّ وجل ما يصلح شرحا لما حكاه عن يوسف عليه السلام من قوله أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ .. وأيضا في كل من السورتين ما فيه تسلية له صلى الله عليه وسلم، هذا مع اشتراك آخر تلك السورة وأول هذه فيما فيه وصف القرآن كما لا يخفى، وجاء في فضلها ما أخرجه ابن أبي شيبة والمروزي في الجنائز أنه كان يستحب إذا حضر الميت أن يقرأ عنده سورة الرعد، فإن ذلك يخفف عن الميت، وأنه أهون لقبضه وأيسر لشأنه) اهـ

وقال صاحب الظلال في سورة الرعد:

(هذه السورة من أعاجيب السور القرآنية التي تأخذ في نفس واحد، وإيقاع واحد، وجو واحد، وعطر واحد من بدئها إلى نهايتها، والتي تفعم النفس وتزحم بالصورة والظلال والمشاهد والخوالج والتي تأخذ النفس من أقطارها جميعا، فإذا هي مهرجان من الصور والمشاعر والإيقاعات والإشراقات، والتي ترتاد بالقلب آفاقا وأكوانا وعوالم وأزمانا وهو مستيقظ، مبصر، مدرك، شاعر بما يموج حوله من المشاهد والموحيات.

إنها ليست ألفاظا وعبارات، إنما هي مطارق وإيقاعات. صورها ظلالها. مشاهدها

<<  <  ج: ص:  >  >>