كما سبق المقطع الثاني من القسم الأول بمقطع تحدث عن غزوة بدر فكان بمثابة متكأ للمقطع الثاني وكما أن المقطع الثاني من القسم الأول كان فيه مجموعة نداءات لأهل الإيمان بصيغة «يا أيها» فإن هذا المقطع من القسم الثاني سبق بمقطع فيه حديث عن غزوة بدر ومقدمات أخرى سبقتها، وهو يتألف كذلك من مجموعة نداءات بصيغة «يا أيها» بنيت على المعاني التي تقدمتها في المقطع الأول وإذن فهناك تشابه من هذه الحيثية بين القسم الأول والقسم الثاني من السورة، كما أن هناك صلات بين مقدمة السورة وخاتمتها كما سنرى.
والمقطع كله في موضوع القتال، وآثاره ومستلزماته، والأحوال التي يمكن أن تمر على الأمة المسلمة فصلته بمحور السورة واضحة.
وفي المقطع أربعة نداءات نداء بصيغة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وثلاثة نداءات بصيغة يا أَيُّهَا النَّبِيُّ* إنه مقطع يتوجه بالنداء إلى القيادة، وإلى الجند؛ ليعرف كل منهما واجبه في تحقيق فريضة القتال، فلنبدأ بعرض المعاني العامة للمقطع:
[المعنى العام]
يبدأ المقطع بتعليم الله تعالى عباده المؤمنين آداب اللقاء عند مواجهة الأعداء، فيأمرهم بالثبات، ويأمرهم بذكر الله عند اللقاء، ويأمرهم بالطاعة، ويأمرهم بترك التنازع والاختلاف، ويحذرهم إن اختلفوا الفناء، ثم يأمرهم بالصبر والإخلاص، وأن يتحرروا من أن يكونوا كالكافرين في حربهم، إن في تصرفاتهم البطرة، أو في غاياتهم الخسيسة. إذ يقاتلون للصد عن سبيل الله، وبعد أن يأمر الله المؤمنين بالإخلاص في القتال في سبيله، وكثرة ذكره، ناهيا لهم عن التشبه بالمشركين في خروجهم من ديارهم بطرا دفعا للحق ورئاء الناس، أي للمفاخرة والتكبر عليهم. يأمرنا الله أن نتذكر ما حدث للكافرين يوم بدر، بعد أن زين لهم الشيطان ما هم فيه. ونفخ في مناخرهم الغرور، موهما إياهم أنه معهم، ثم تخلى عنهم إذ قام سوق القتال في معركة ظن غير أهل الإيمان أن قتال المؤمنين فيها نوع من أنواع الغرور؛ إذ كيف يقاتل القليل