هـ- وروى أحمد وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى إنّه ليسأله يقول له: أي عبدي رأيت منكرا فلم تنكره؟ فإذا لقّن الله عبدا حجته قال: أي رب وثقت بك وخفت الناس».
و- وثبت في الصحيح:«ما ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه قالوا: وكيف يذلّ نفسه يا رسول الله؟ قال: يتحمل من البلاء ما لا يطيق». أقول: وكل امرئ أدرى بما يطيق، وعند ما يكون الأمر فرض عين فعلى كل إنسان أن يقيمه بقدر استطاعته.
٦ - [فائدة عظيمة من نتائج الردة الأولى أيام أبي بكر]
لقد وقعت الرّدّة الأولى بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مباشرة، ولكن توافر للمسلمين وقتذاك أمور: قائد واحد هو أبو بكر، وصفّ واحد، وتربية رفيعة، وجهاد. والآن لا جهاد، ولا تربية رفيعة، ولا صفا واحدا، ولا قائدا واحدا، ومن ثمّ فإن هذه الردّة تمتدّ وتستمرّ، ولا بدّ للمسلمين الآن من طريق، تتحقق فيه التربية الرفيعة؛ ليوجد الصف الواحد؛ لتنبثق عنه القيادة ليقوم الجهاد، ولا شكّ أن هنا سؤالا خطيرا هو؟ من الذي يشق الطريق؟ أليس هي القيادة الربانية، فكيف نوفّق بين البداية التي لا بد منها، وبين قولنا صف تنبثق عنه قيادة فنجعل القيادة نتيجة وهي البداية؟ نقول: إنّ العمل الرباني يقتضي نكرانا للذات يتمّ معه السير في الطريق الصحيح، ثمّ إنّ الصف من خلال الشورى، لا يعجزه أن يختار قياداته المؤهلة لتحقيق هدف ما ضمن نظرية تنظيمية سليمة وصحيحة وبطبيعة الحال فإعلان الجهاد ليس هو البداية وهذا هو المراد هنا أما التربية والنظرية فلا بد أن تطرحهما قيادة ربانية ابتداء.
٧ - [توجيه للتحقق بصفات حزب الله]
ذكرت الآيات الثلاث التي مرّت معنا، صفات حزب الله، وعلى كلّ مسلم، وعلى كل مجموعة أن تفتّش في نفسها عن هذه الصفات، ولو أنّ كل مجموعة من المسلمين تحققت بهذه الصفات، بل لو أنّ كل فرد من المسلمين تحقق بهذه الصفات، لقطع المسلمون شوطا بعيدا في كل شئ، سواء في سيرهم إلى الله، أو في سيرهم نحو تحقيق الأهداف، أو في سيرهم نحو الجماعة الواحدة، أو في سيرهم نحو العمل الجماعي. ولكنّ قصورا في الصفات قد وقع، وقصورا في النظر قد وجد عند الكثيرين، إلّا من رحم الله.
إن كل مجموعة من المسلمين غلب عليها النظر إلى إيجابيات ما هي عليه دون سلبياته، والنظر إلى سلبيات غيرها دون إيجابياته، ولو أنّ كل مجموعة نظرت إلى سلبيات ما عندها، وإيجابيات ما عند الآخرين، على ضوء النصوص، وعمل الجميع من أجل أن