للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لبأس الله الذي لا يرد. ولن تظلم نفس شيئا.

«فأما أولئك المفتوح عليهم في الرزق .. فهذه هي السنة: ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فهو الابتلاء بالنعمة الذي مر ذكره وهو أخطر من الابتلاء بالشدة- وفرق بينه وبين البركات التي يعدها الله من يؤمنون ويتقون. فالبركة قد تكون مع القليل إذا أحسن الانتفاع به، وكان معه الصلاح والأمن والرضى والارتياح .. وكم من أمة غنية قوية ولكنها تعيش في شقوة مهددة في أمنها، مقطعة الأواصر بينها، يسود الناس فيها القلق وينتظرها الانحلال. فهي قوة بلا أمن. وهو متاع بلا رضى وهي وفرة بلا صلاح. وهو حاضر زاه يترقبه مستقبل نكد. وهو الابتلاء الذي يعقبه النكال.

إن البركات الحاصلة مع الإيمان والتقوى، بركات في الأشياء وبركات في النفوس، وبركات في المشاعر، وبركات في طيبات الحياة .. بركات تنمي الحياة وترفعها في آن.

وليست مجرد وفرة مع الشقوة والتردي والانحلال .. ».

[فوائد]

١ - بمناسبة قوله تعالى: فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً قال ابن كثير: وفي الحديث «موت الفجأة رحمة للمؤمن وأخذة أسف للكافر».

٢ - بمناسبة عدم اعتبار الكافرين بالبأساء والضراء يقول ابن كثير: وهذا بخلاف حال المؤمنين الذين يشكرون الله على السراء، ويصبرون على الضراء، كما ثبت في الصحيحين: «عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له». فالمؤمن من يتفطن لما ابتلاه الله به في الضراء والسراء. فلهذا جاء في الحديث: «لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يخرج نقيا من ذنوبه، والمنافق مثله كمثل الحمار لا يدري فيم ربطه أهله ولا فيم أرسلوه». أو كما قال.

٣ - وبمناسبة قوله تعالى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً يذكر النسفي أن ابنة الربيع بن خيثم قالت لأبيها: «ما لي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام؟

فقال: يا بنتاه إن أباك يخاف البيات». أراد ما حذرت منه الآية وهكذا فإن المؤمن هو الذي يخاف ما أوعد الله به، أما الكافر فإنه لا يسمع ولا يعقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>