عرفنا في المجموعة السابقة أن الإنسان الكافر يظن أن الله لن يبعثه، وقد رد الله عزّ وجل على هذا الظن، ثم بين أن السبب الحقيقي لموقف الإنسان هذا هو رغبته في الفجور، وحرصه على عدم التقيد، وعلى الفرار من التكليف، ولذلك فهو يستبعد مجئ يوم القيامة.
وبعد ذلك حدثنا الله عزّ وجل عن يوم القيامة الذي يكذب به المكذبون، وما يكون فيه، وكيف أن الكافر نفسه يعلم حقيقة ما كان عليه من ذنب وخطأ، وإن تظاهر بغير ذلك، وبعد أن انتهت هذه المجموعة تأتي مجموعة ثانية، تبدأ بقوله تعالى:
لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ أي: بالقرآن: هذا مع أنه لم يذكر القرآن قبل ذلك فما سر ذلك؟.
١ - لقد عرفنا في المجموعة الأولى أن السر الحقيقي في كفر الكافرين باليوم الآخر هو إرادة الإنسان في أن يفجر، وأن يستمر في فجوره، أي: في أن يبقى فارا من التكليف، وكتاب التكليف هو القرآن، ومن ثم تأتي المجموعة الثانية لتبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف ينبغي أن يكون تلقيه لهذا القرآن ولتبين سنة الله عزّ وجل في القرآن.
٢ - إن القرآن هو الكتاب الذي جعل الله فيه علم الساعة كما قال تعالى:
وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فإن تأتي في ثنايا الكلام عن الساعة مجموعة عن القرآن تؤكد أن هذا القرآن من عند الله، فذلك نوع توكيد لمجئ الساعة، ورد ضمني على الكافرين في إنكارهم لها، فلنر المجموعة الثانية من الفقرة الأولى.
[تفسير المجموعة الثانية]
لا تُحَرِّكْ بِهِ أي: بالقرآن لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ أي: بالقرآن
إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ أي: في صدرك وَقُرْآنَهُ أي: أن تقرأه، قال النسفي:(وكان صلى الله عليه وسلم يأخذ في القراءة قبل فراغ جبريل عليه السلام كراهة أن يتفلت منه فقيل له:
لا تحرك لسانك بقراءة الوحي ما دام جبريل يقرأ لتأخذه على عجلة، ولئلا يتفلت منك، ثم علل النهي عن العجلة بقوله: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ في صدرك وَقُرْآنَهُ وإثبات قراءته في لسانك والقرآن: القراءة)، وقال ابن كثير: (هذا تعليم من الله عزّ وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في كيفية تلقيه الوحي من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه ويسابق