الأرض، وهلك الحرث والنسل. فلولا أن أهل الإيمان يقاتلون أهل الكفر، ولولا أن أهل الإيمان يوقفون أهل الفساد عند حدهم، لفسدت البلاد والعباد.
[المعنى الحرفي]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى الملأ: هم الأشراف لأنهم يملئون القلوب جلالة، والعيون مهابة. ومِنْ بَعْدِ مُوسى أي من بعد موته إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي: حين قالوا لنبي لهم أنهض للقتال معنا أميرا نصدر في تدبير الحرب عن رأيه، وننتهي إلى أمره قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا أي: هل قاربتم إن فرض عليكم القتال ألا تقاتلوا. أي: هل الأمر كما أتوقعه، أنكم لا تقاتلون وتجبنون، فأدخل (هل) الاستفهامية التي تفيد التقرير، والتثبيت للإشعار بما هو متوقع عنده قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا أي: ردوا على نبيهم بقولهم:
وأي داع لنا إلى ترك القتال وأي غرض لنا فيه، والحال أنه أخذت منا البلاد، وسبيت الأولاد. يعنون إذا بلغ الأمر منا هذا المبلغ فلا بد من الجهاد فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ أي: فلما أجيبوا إلى ملتمسهم بفرض القتال عليهم، أعرضوا عنه إلا القليل. أي لم يفوا بما وعدوا. بل نكل عن الجهاد أكثرهم. وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ: هذا وعيد لهم على ظلمهم بترك الجهاد
وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً أي: لما طلبوا من نبيهم أن يعين لهم ملكا منهم، عين لهم طالوت، وأفهمهم أن هذا الأمر ليس باجتهاد من عنده، بل باصطفاء من الله. فهو أمرني به لما طلبتم مني ذلك. قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ. وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ أي قالوا معترضين على هذا التعيين: كيف ومن أين يمتلك علينا. والحال إنه لا يستحق التملك لوجود من هو أحق بالملك، وأنه فقير، ولا بد للملك من مال يعتضد به، وإنما قالوا ذلك لأن الملك كان في
سبط يهوذا، كما قال المفسرون. وهذا اعتراض منهم على نبيهم، وتعنت. وكان الأولى بهم طاعة وقول معروف. فأجابهم نبيهم قائلا: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ: أي إن الله اختاره عليكم. وهو أعلم بالصالح منكم. ولا اعتراض على