رسوله وَجادَلُوا بِالْباطِلِ أي: بالكفر لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ أي: ليبطلوا به الإيمان. أي: ما حلوا بالشبهة ليردوا الحق الواضح الجلي فَأَخَذْتُهُمْ أي: أهلكتهم على ما صنعوا من هذه الآثام والذنوب العظام، من محاولتهم أخذ الرسل وتكذيبهم ومماحلتهم فَكَيْفَ كانَ عِقابِ أي: فكيف بلغك عذابي لهم ونكالي بهم؟ قد كان شديدا موجعا مؤلما. قال قتادة: كان شديدا والله
وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ أي: مثل ذلك الوجوب وجب على الكفرة كونهم من أصحاب النار. ومعناه كما وجب إهلاكهم في الدنيا بالعذاب المستأصل، كذلك وجب تعذيبهم بعذاب النار في الآخرة، أو المعنى: كما وجب إهلاك أولئك الأمم كذلك وجب إهلاك هؤلاء، لأنّ علّة واحدة تجمعهم، أنهم من أصحاب النار. وينتقل السياق ليحدثنا عن الملائكة ودعائهم للمؤمنين ..
كلمة في السياق:[المجموعة الأولى حول تفصيل السورة لمحورها وبعض معان أخرى]
١ - ذكر الله عزّ وجل في الابتداء أن هذا الكتاب تنزيله، وذكر مجموعة من أسمائه عزّ وجل، وذكر ذلك كله بصيغة تقريرية تشير إلى أن هذا الموضوع حقيقة مقررة مقطوع بها، ومن ثم قال بعد ذلك: ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ...
٢ - في ذكر مجموعة الأسماء لله التي صدرت بها السورة إشارة إلى مظهر من مظاهر التدليل على كون هذا القرآن من عند الله. فكتاب يصف الله عزّ وجل بمثل هذا الكمال لا يمكن أن يكون مكذوبا على الله. وكتاب تظهر فيه آثار هذه الأسماء من علم وحكمة، وعزّة وغفران، وشدة عقاب، وكثرة إنعام، دليل على أنه من عند الله؛ إذ الكلام تظهر فيه صفات المتكلّم وخصائصه. فعند ما يقول الله عزّ وجل بعد ذلك ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا .. فلأن الحجة قد ذكرت من قبل.
٣ - إذا تذكرنا أن محور سورة غافر هو قوله تعالى من سورة البقرة: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ نعرف سرّ مجئ قوله تعالى: ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا .. وأنّ هؤلاء المتّصفين بهذه الصفة هم الذين لا يفلح معهم الإنذار. وقد فصّلت الآيات الأخيرة نوعي العذاب العظيم الذي يستحقه هؤلاء