وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ قال النسفي: يعني: أن القرآن أتاكم متتابعا متواصلا، وعدا ووعيدا، وقصصا وعبرا ومواعظ وقال التوصيل: تكثير الوصل وتكريره لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أي ليتذكروا فيتعظوا فيفلحوا. وبذلك انتهت المجموعة الثانية من القسم الثاني من السورة.
[كلمة في السياق]
نلاحظ أن قصة موسى ختمت بقوله تعالى: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وأن المجموعة الأولى ختمت بقوله تعالى: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وأن المجموعة الثانية ختمت بقوله تعالى لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فكأنه في كل مرة قامت بها الحجة تختم بهذه الكلمة.
وواضح أن السورة تقرر مرة بعد مرة أن محمدا رسول الله، وأن القرآن آيات الله التي أنزلها على محمد صلى الله عليه وسلم، وأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم واحدة من رسالات الله، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم من المرسلين، وصلة ذلك بالمحور واضحة تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ وواضح أن صلة المجموعتين بقصة موسى قبلهما قائمة، فهما تبنيان على ما ذكر في قصة موسى من قبل.
[فوائد]
١ - ذكرت المجموعة الأخيرة حكمة بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وبعثة المرسلين بأنها إقامة الحجة على الخلق، كما ذكرت المجموعة الأولى حكمة بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، بأنها التذكير بما نسيه الخلق نتيجة لتطاول الزمن، فالمجموعتان إذا تتحدثان عن حكمة بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وكل من المجموعتين أقامت الحجة على الناس برسالته، وختمت المجموعة الثانية بذكر مظهر من مظاهر الإعجاز في القرآن في قوله تعالى وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فالتوصيل كما فسره النسفي: تكثير الوصل وتكريره، فالله عزّ وجل قد وصل بعضه ببعض، القصة بالموعظة بالتشريع وكل ذلك يربطه رباط واحد في السورة الواحدة وفي القرآن كله، وقد كان ذلك مع التكرار، بأن عرض المعنى بشكل ثم بشكل آخر، وفي ذلك من الإعجاز ما لا يخفى، وكل ذلك تقوم به الحجة، وكل ذلك من أجل أن يتذكر الناس، وأن يتعظوا، وقد جاءت هذه الآية بعد أن أقام الله الحجة على المعاندين مرة بعد مرة في الآيات الأخيرة.