متلازمين في كل زاوية من زوايا الكون، وفي كل جانب من جوانب الحياة. وأقرب ما بين أيدينا من هذا التلازم ثبات التفاوت في الرزق بين الناس، وتغير نسب التفاوت وأسبابه في النظم والمجتمعات .. وهذا التلازم مطرد في غير هذا المثال).
كلمة في السياق:[حول الصلة بين السورة ومحورها]
١ - رأينا أن اعتراض الكافرين على الله عزّ وجل في إنزاله القرآن على محمد صلّى الله عليه وسلم، وعدم إنزاله على رجل عظيم ذي جاه ومال، قد جاء بعد إقامة الحجة على الكافرين في عقائدهم التي هي سبب البلاء. فكأنهم بعد إقامة الحجة عليهم اقتنعوا، ولكنهم لعدم تملك محمد صلّى الله عليه وسلم الجاه والمال لا يرونه أهلا لنزول القرآن عليه، أو لا يرونه أهلا للمتابعة. ومن ثمّ كان هذا البيان الذي رأيناه، فالله عزّ وجل أعلم حيث يجعل رسالته. واعتراضهم على الله في اصطفائه محمدا صلّى الله عليه وسلم محض جهل، فعطاء الدنيا لإنسان لا يعني شيئا، وليس دليلا على أن صاحبها صاحب فضل عند الله. وإذ بيّن الله عزّ وجل هذا كله- ففنّد عقائد الكافرين، وفنّد أقوالهم- فإنه فيما سيأتي سيبين عاقبة العمى عن كتابه كما سنرى.
٢ - قلنا: إن محور سورة الزخرف من سورة البقرة هو قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ والآيات المارة تشعر بأنهم عجزوا عن الإتيان بمثله، وشعروا بأن هذا القرآن من عند الله، ولكن كانوا يرون أن غير محمد صلّى الله عليه وسلم أحق به: وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ لاحظ الصلة بين نَزَّلْنا في المحور وقولهم نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ وقد رد الله عزّ وجل اعتراضهم، والملاحظ أنه عزّ وجل في المحور قال فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ هناك وعظهم بعد إقامة الحجة، وسنرى كذلك هنا أنه سيعظهم بعد إقامة الحجة.
وَمَنْ يَعْشُ قال ابن كثير: أي يتعامى ويتغافل ويعرض، وقال النسفي في معناها: ومن يتعام عن ذكره، أو يعرف أنه الحق ويتجاهل عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ أي: عن القرآن. قال ابن كثير: والعشا في العين ضعف بصرها والمراد هاهنا عشا البصيرة نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً أي: نسلطه عليه فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ أي: فهو معه في