هذه الآية معطوفة على التي قبلها. ففي الآية الأولى تعجيب من أن يجادل إنسان في ربوبية الله، وبيان لانقطاع حجته أمام دلائل الفطرة. وفي هذه الآية تعجيب أن يستبعد إنسان قدرة الله على تقليب الأحوال فيحيي قرية خربة، ليجعلها عامرة. وإذا قطعت فى الآية السابقة الحجة الجدال، فههنا قطع الاستبعاد- فعل الله بهذا الإنسان، إذ أماته مائة عام ثم أحياه، ليرى أن ما استبعده قد حدث. فعلم من خلال المشاهدة لفعل الله في تغيير الأشياء من حال إلى حال، قدرة الله على كل شئ، وهذا الذي شاهده صاحب القصة يشاهده كل منا خلال التاريخ برؤيته تقلب الأحوال أحيانا على حسب التوقعات، وأحيانا على خلاف التوقعات ضمن سنن الله. فمن لم ير قدرة الله من خلال مشاهداته لتصريف أمور خلقه، تكون رؤيته كليلة.
وصاحب القصة إما (عزير) على القول المشهور الراجح، وإما (أرميا) على قول. وإما (الخضر) على قول، وإما (حزقيل)، وإما أنه رجل من بني إسرائيل.
وأما القرية .. قال ابن كثير: فالمشهور أنها بيت المقدس. مر عليها بعد تخريب بختنصر لها، وقتل أهلها. ولم يذكر الله في كتابه، ولا رسوله في سنته اسم الرجل أو القرية.
لأن العبرة في المضمون.
[المعنى الحرفي]
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ أي: أو أرأيت مثل الذي مر على قرية. فهو مثل معطوف على المثل السابق. وفيه تعجيب، كما في المثل السابق تعجيب. وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها: أي: وهي ساقطة مع سقوفها، أو سقطت عليها الحيطان، وكل مرتفع عرش. سقطت السقوف ثم سقطت الجدران، أو هي خالية. ليس فيها أحد، وسقوفها وجدرانها ساقطة على عرصاتها. فوقف متفكرا فيما آل أمرها إليه بعد العمارة العظيمة قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها: وذلك، لما رأى من دثورها، وشدة خرابها، وبعدها عن العود إلى ما كانت عليه. وهل سؤاله من باب الاستبعاد. فيكون ذلك كفرا.