ويفتح عليّ بمحامد لا أحصيها الآن، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفّع».
٢ - [مناقشة حول تفسير قوله تعالى حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ]
رأينا ماذا يعني قوله تعالى حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ... في محله بالنسبة لأهل الآخرة، لكنّ هذا المقام مقام دائم لأهل الملكوت الأعلى، وقد وردت الأحاديث في ذلك، إلّا أنّ بعضهم ظنّ أنّ هذه الأحاديث مفسّرة للآية في سياقها ومحلّها، وليس كذلك، ولكنّ مقام النّاس يوم القيامة يشبه حال الملائكة الدائم في تلقيهم عن الله عزّ وجل، ومن ثمّ جاءت الأحاديث تعبّر بقوله تعالى حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ عن تلقي الملائكة الدائم، فظنّ من ظنّ أنّها تفسير للآية في سياقها، والذي يبدو لي أن الأمر ليس كذلك، ولننقل ثلاثة أحاديث ذكرها ابن كثير في هذا المقام، مع ملاحظة أن ابن كثير يرى هذا الرأى الذي لم نره:
روى البخاري عند تفسير هذه الآية الكريمة في صحيحه عن سفيان عن عمرو قال:
سمعت عكرمة قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: إن نبي الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إذا قضى الله تعالى الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض- ووصف سفيان بيده فحرفها ونشر بين أصابعه- فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة، فيقال:
أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء».
حديث آخر: روى الإمام أحمد ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم جالسا في نفر من أصحابه- قال عبد الرزاق: من الأنصار- فرمي بنجم فاستنار، فقال صلّى الله عليه وسلم:«ما كنتم تقولون إذا كان مثل هذا في الجاهلية؟» قالوا:
كنا نقول يولد عظيم، أو يموت عظيم- قلت للزهري أكان يرمى بها في الجاهلية؟
قال: نعم ولقد غلّظت حين بعث النبي صلّى الله عليه وسلم- قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «فإنها لا يرمى بها لموت أحد، ولا لحياته، ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا قضى أمرا سبّح حملة العرش، ثم سبّح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح السماء الدنيا، ثم