تكلمت لأخبرت عني هذه الحصى، فخرج عليهم النّبي صلّى الله عليه وسلّم فقال:«قد علمت الذي قلتم». ثم ذكر ذلك لهم، فقال الحارث وعتاب: نشهد أنّك رسول، ما اطّلع على هذا أحد كان معنا فنقول: أخبرك»
٣ - [أحاديث حول مسخ اليهود قردة وخنازير]
بمناسبة قوله تعالى: وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ ينقل ابن كثير حديثا عن ابن مسعود قال: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن القردة والخنازير أهي مما مسخ الله؟
فقال:«إن الله لم يهلك قوما- أو قال: لم يمسخ قوما- فيجعل لهم نسلا ولا عقبا، وإنّ القردة والخنازير كانت قبل ذلك». وقد رواه مسلم من حديث سفيان الثوري ومسعر. وروى أبو داود الطيالسي عن ابن مسعود قال: سألنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن القردة والخنازير، أهي من نسل اليهود؟ فقال:«لا، إنّ الله لم يلعن قوما فيمسخهم، فكان لهم نسل، ولكن هذا خلق كان، فلما غضب الله على اليهود فمسخهم جعلهم مثلهم». ورواه أحمد من حديث داود بن أبي الفرات به.
وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ. أي: بخيلة. قال ابن عباس لا يعنون بذلك أن يد الله موثقة، ولكن يقولون بخيل يعني أمسك ما عنده بخلا، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ هذا دعاء عليهم بالبخل، ومن ثم كانوا أبخل الناس، أو تغلّ في جهنم، فهي كأنّما غلّت وَلُعِنُوا بِما قالُوا. أي: بما وصفوا الله بما لا يليق بذاته بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ قال ابن كثير. أي: هو الواسع الفضل، الجزيل العطاء. قال النسفي: «ثنّيت اليد في: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ وهى مفردة في (يد الله مغلولة) ليكون رد قولهم وإنكاره أبلغ وأدل على إثبات غاية السخاء له، ونفي البخل عنه، فغاية ما يبذله السخي أن يعطيه بيديه يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ هذا تأكيد للوصف بالسخاء، ودلالة على أنه لا ينفق إلا على مقتضى الحكمة وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ أي: من اليهود ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً. أي: يزدادون عند نزول القرآن لحسدهم تماديا في الجحود وكفرا بآيات الله وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ فكلامهم أبدا مختلف، وقلوبهم شتى، لا يقع بينهم اتفاق، ولا تعاضد إلا ظاهري كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ. أي:
كلما أرادوا حرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نصر عليهم، أو كلما أرادوا حرب الإسلام وأهله غلبوا وقهروا، أو كلما أرادوا إشعال نار حرب على الإسلام وأهله أطفأ الله كيدهم وشرهم، وما غلبوا في عصرنا في بعض المعارك إلا لأنهم يحاربون رايات لم تقم على