للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبأنه المتفرد بإيجاد المعدومات والمتوحد بعلم الخفيات، وقوله الصَّمَدُ وصف بأنه ليس إلا محتاجا إليه وإذا لم يكن إلا محتاجا إليه فهو غني لا يحتاج إلى أحد، ويحتاج إليه كل أحد، وقوله لَمْ يَلِدْ نفي للشبه والمجانسة، وقوله وَلَمْ يُولَدْ نفي للحدوث ووصف بالقدم والأولية، وقوله وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ نفي أن يماثله شئ، ومن زعم أن نفي الكفء- وهو المثل في الماضي- لا يدل على نفيه للحال، والكفار يدعونه في الحال- فقد تاه في غيه؛ لأنه إذا لم يكن فيما مضى لم يكن في الحال ضرورة؛ إذ الحادث لا يكون كفؤا للقديم، وحاصل كلام الكفرة يئول إلى الإشراك والتشبيه والتعطيل، والسورة تدفع الكل كما قررنا).

[كلمة في السياق]

١ - ما ضلت البشرية في موضوع معرفة الذات الإلهية إلا لجهلها بما لا يليق بالذات الإلهية، فأشركوا ونسبوا إلى الله الافتقار والاحتياج، ونسبوا له الولد والزوجة، وجعلوه مماثلا لخلقه، وسورة الإخلاص تطهر الضمير البشري والعقل البشري من أي غلط في باب معرفة الذات الإلهية.

٢ - عند ما يتحدث علماء التوحيد عن الذات الإلهية وأسمائها وصفائها يتحدثون عن الصفات السلبية للذات الإلهية، أي الصفات التي تسلب عن الله عزّ وجل ما لا يليق به، ويذكرون أن أمهاتها خمس: الوحدانية، والقدم، والبقاء، والمخالفة للحوادث، والقيام بالنفس. ويقيمون الأدلة الطويلة التي تستغرق الصفحات على كل صفة من هذه الصفات، والملاحظ أن الصفات الخمس هذه مرجعها إلى سورة الإخلاص.

فالوحدانية قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وقيامه بنفسه اللَّهُ الصَّمَدُ، وقدمه لَمْ يَلِدْ، وبقاؤه وَلَمْ يُولَدْ، ومخالفته للحوادث وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.

ومتى عرف الإنسان الله عزّ وجل بهذه الصفات فقد عرف الله حق المعرفة. أما صفات الله عزّ وجل الوجودية وأسماؤه الحسنى، فتلك لا يختلف عليها الخلق؛ لأن أدنى تفكير يوصل إليها، من علم، وإرادة، وقدرة، وحياة. والملاحظ أن النسفي قد جعل هذه الصفات داخلة فيما ذكر في السورة- كما رأينا- آخذا ذلك من قوله تعالى هُوَ اللَّهُ فإذا لم يكن هذا إعجازا فما هو الإعجاز؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>