لحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فقال: يا أسلع ما لي أرى رحلتك تغيرت. قلت يا رسول الله، لم أرحلها. رحلها رجل من الأنصار. قال: ولم؟ قلت: إني أصابتني جنابة، فخشيت القر على نفسي، فأمرته أن يرحلها. ورضفت احجارا، فأسخنت بها ماء، فاغتسلت به فأنزل الله تعالى: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ إلى قوله- إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً قال ابن كثير: وقد روي من وجه آخر عنه .. أقول قد يتعدد النزول لتأكيد شمول النص لأكثر من حادثة، وقد لا يكون الأسلع قد عرف الآية من قبل فظنها في حادثته.
[المعنى العام]
ينهى الله تبارك وتعالى عباده عن فعل الصلاة في حال السكر الذي لا يدري معه المصلي ما يقول، وعن قربان محالها- التي هي المساجد- للجنب إلا أن يكون مجتازا من باب إلى باب، من غير مكث، وفي حال الضرورة، والحكمة في تحريم قربان الصلاة، والإنسان سكران، هو علم الإنسان بما يقول. فإن المخمور فاقد التدبر والخشوع، يخلط في قراءته، ولا يعقلها. فالآية نهت عن تعاطي الصلاة على هيئة ناقصة تناقض مقصودها. وعن الدخول إلى محلها على هيئة ناقصة، وهي الجنابة، المباعدة للصلاة ولمحلها، إلا إذا كان عابر طريق في حالة الضرورة، كما ذكرنا، حتى يغتسل الإنسان من جنابته.
ثم رخص في التيمم، كبديل عن الغسل في حالات: حالة السفر إذا فقد الماء.
وحالة المرض الذي يضر معه استعمال الماء. ثم بين كيفية التيمم وأداته. ثم ذيل الآية بالتذكير بعفوه وغفرانه، وتذييل الآية بالعفو والمغفرة، يفيد أن من عفوه وغفرانه، أن شرع لكم التيمم، وأباح لكم فعل الصلاة به إذا فقدتم الماء. توسعة عليكم، ورخصة لكم. وذلك أن هذه الآية الكريمة، فيها تنزيه الصلاة أن تفعل على هيئة ناقصة، من سكر حتى يصحو المكلف ويعقل ما يقول، أو جنابة حتى يغتسل، أو حدث حتى يتوضأ، إلا أن يكون مريضا، أو عادما للماء، فإن الله- عزّ وجل- قد أرخص في التيمم، والحالة هذه، رحمة بعباده، ورأفة بهم، وتوسعة عليهم. فإذا كان محور سورة النساء في العبادة، والتقوى، ومن التقوى الصلاة. فهذه الآية إذن، تفصيل لبعض قضايا التقوى، بتفصيل بعض ما يدخل فيها.