للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونضرب مثلا لهذه الدقة العجيبة فك الإنسان ووضع الأسنان فيه من الناحية الآلية البحتة. إن هذا الفك من الدقة بحيث إن بروز واحد على عشرة من المليمتر في اللثة أو في اللسان، يزحم اللثة واللسان، وبروز مثل هذا الحجم في ضرس أو سن يجعله يصطك بما يقابله ويحتك! ووجود ورقة كورقة السيجارة بين الفكين العلوي والسفلي يجعلها تتأثر بضغط الفكين عليها فتظهر فيها علامات الضغط لأنهما من الدقة بحيث يلتقيان تماما ليمضغ الفك ويطحن ما هو في سمك ورقة السيجارة.

ثم .. إن هذا الإنسان بتكوينه هذا مجهز ليعيش في هذا الكون .. عينه هذه مقيسة على الذبذبات الضوئية التي تقتضي وظيفته في الأرض أن يراها. وأذنه تلك مقيسة على الذبذبات الصوتية التي تقتضي وظيفته في الأرض أن يسمعها. وكل حاسة فيه أو جارحة مصممة وفق الوسط المهيأ لحياته، ومجهزة كذلك بالقدرة على التكيف المحدود عند تغير بعض الظروف.

إنه مخلوق لهذا الوسط، ليعيش فيه، ويتأثر به، ويؤثر فيه. وهناك ارتباط وثيق بين تصميم هذا الوسط وتكوين هذا الإنسان. وتصوير الإنسان على هذه الصورة ذو علاقة بوسطه. أي: بالأرض والسماء. ومن ثم يذكر القرآن صورته في نفس الآية التي يذكر فيها الأرض والسماء .. ألا إنه الإعجاز القرآنى .. ).

وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أي: من المآكل والمشارب في الدنيا قال ابن كثير: فذكر أنّه خلق الدار والسكان، والأرزاق فهو الخالق الرازق ذلِكُمُ أي: الذي فعل هذا كله اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ أي: فتعالى وتقدّس وتنزّه رب العالمين كلهم

هُوَ الْحَيُّ وليس كمن تعبدون من الأموات من أصنام وطبيعة لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فهو المنفرد بالألوهية فَادْعُوهُ أي: فاعبدوه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أي: الطاعة من الشرك والرياء، مع التوحيد الخالص قائلين الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أي: جامعين بين العبادة والشكر

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من الأصنام والأوثان والأنداد لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي أي: القرآن وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ أي: وأمرت أن أستسلم وأستقيم وأنقاد لرب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>