٣ - لاحظنا من خلال الفقرة الأخيرة أن استقلال الإنسان بالتشريع غير وارد أصلا.
فالإنسان عبد لله وعليه أن يبقى في دائرة ما شرعه الله، وألا يخرج عن ذلك، وأي خروج سلبي أو إيجابي، في الترك، أو في الفعل، إنما هو كذب على الله، يستأهل به الإنسان عقوبة الله.
[كلمة في سياق الفقرة الأخيرة]
كنّا ذكرنا من قبل أن لكل سورة محورها من سورة البقرة، وأن السورة عند ما تفصّل في محورها من سورة البقرة. إنّما تفصّل في المحور، وامتداداته، ومحلّه من سياق سورة البقرة.
وقلنا من قبل: إن من امتدادات محور سورة الأنعام في سورة البقرة قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فلهذه الآية من سورة البقرة صلة بقوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً. وقد جاءت الفقرة الأخيرة لتبين لنا فعل الجاهليين في تحريم ما لم يحرم الله فهي تفصل إذن في محور السورة من سورة البقرة، وفي امتدادات معانيه من السورة نفسها. ولقد رأينا من قبل محلّ الفقرة في مقطعها، ومحلّ المقطع في سياق سورة الأنعام، ومحلّ سورة الأنعام في السياق القرآني العام، وللتذكير فقط نكتب كلمة مختصرة عن المقطع:
[كلمة في سياق المقطع]
لقد تحدثنا كثيرا من خلال عرضنا لهذا المقطع الطويل عن سياق هذا المقطع وارتباطه بالمحور العام للسورة، فمقدمة المقطع عرّفتنا على الله بما ينفي الكفر. والفقرة الثانية:
عرّفتنا على موقف من مواقف المشركين والكافرين وردّته، والفقرة الثانية عرفتنا على دعوى للكافرين وردّتها، والفقرة الثالثة عرفتنا على أعمال للكافرين وردّتها، وكل ذلك ضمن نسق واحد: الإيمان بالله يقتضي كذا وكذا. والكفر بالله ينبع منه كذا وكذا، ثم تسفيه الكفر وما ينبع عنه، والتعجيب منه، والردّ على أهله، وتحذيرهم، وتبشير أهل الإيمان وتحذيرهم، وكل ذلك بما ينسجم مع محور السورة: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
لقد رأينا ذلك وعرضناه، ورأينا كيف أن السورة في سياقها الخاص تعالج الشرك