قلنا إن محور سورة النبأ هو محور سورة (ص) أي: قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ، ومن ثم نجد السورة تبدأ بقوله تعالى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ... فهي تبدأ بذكر تساؤل يطرحه الكافرون، وترد عليه، وتنتهي السورة بقوله تعالى: إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً* يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً فبداية السورة تتحدث عن تساؤل للكافرين، ونهاية السورة تتحدث عن الإنذار، ولذلك صلاته بمحور السورة، فسورة النبأ وسورة المرسلات كلاهما تفصل في مقدمة سورة البقرة.
رأينا أن سورة المرسلات ختمت بقوله تعالى: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ أي: فبأي حديث بعد القرآن يؤمنون، والملاحظ أن سورة النبأ تبدأ بقوله تعالى:
عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ وقد فسر مجاهد النبأ العظيم بأنه القرآن، فالصلة بين نهاية سورة المرسلات وبداية سورة النبأ واضحة، وعلى القول بأن المراد بالنبإ العظيم اليوم الآخر، فإن الصلة كذلك قائمة، إذ الحديث عن اليوم الآخر يستغرق معظم سورة المرسلات.
ويلاحظ أن تعبير يوم الفصل ذكر في سورة المرسلات، وذكر كذلك في سورة النبأ ففي سورة المرسلات قال تعالى: لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ* لِيَوْمِ الْفَصْلِ* وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ؟ هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ، وفي سورة النبأ يأتي قوله تعالى: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً فإذا تذكرنا أن مقدمة سورة البقرة تتحدث عن المتقين والكافرين والمنافقين ندرك صلة السورتين اللتين تتحدثان عن يوم الفصل بهذه المقدمة، فهذه المجموعة تتحدث بشكل رئيسي عن يوم الفصل الذي يفصل الله به بين الكافرين والمتقين، وهذا المعنى وحده كاف لإدراك الصلة بين المجموعة وبين مقدمة سورة البقرة التي هي محور السورتين، ومن ثم فإن سورة المرسلات كان أكثر حديثها عن الكافرين، وإن كانت تفصل في الآيات الخمس الأولى، وسورة النبأ