فأفسدوا فيها وسفكوا فيها الدماء وقتل بعضهم بعضا فبعث الله إليهم إبليس فقتلهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال».
وهناك اتجاه نقله صاحب السيرة الحلبية عن بعض الصوفية أن أبانا آدم عليه السلام ليس هو أول آدم على الأرض بل خلق بشر، ثم أفناهم الله ثم خلق بشر، ثم أفناهم الله وهكذا مرات ومرات ثم خلق الله عزّ وجل أبانا آدم، وعلى ذريته تقوم القيامة. فعلى هذا الاتجاه فنحن نخلف بشرا آخرين، وقد يستأنس لذلك بقوله الملائكة: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ على رأي من قال بأنهم قالوا ذلك لتجربة سابقة يعرفونها.
في الحديث الصحيح «إن الله خلق آدم على صورته» وبعض الشراح قالوا في تفسير هذا الحديث: أي على صورة الإنسان المضروب الذي بسببه قيل الحديث، وعلى هذا الاتجاه فحتما إن آدم وذريته لهم سمت خاص بهم، مع ملاحظة أن هناك نصوصا تذكر: أنه عند ما خلق آدم في الجنة كان طويلا جدا وعلى هذا، فالصورة واحدة، والضخامة مختلفة، وقد ذكر الدكتور حسن زينو المختص بالجيولوجيا في كتابه «التطور والإنسان» كيف أنه عثر على جثة ما يسمى بالإنسان العملاق، وكيف أن بعض الهياكل التي عثر عليها كان ضرس الواحد منهم يعدل ستة أضعاف ضرس إنساننا الحالي، فهو إذن يعدل ستة أضعاف إنساننا الحالي.
إن هذا الاكتشاف وحده يقلب كل التعليلات المادية رأسا على عقب. إن آدم خلق خلقا مباشرا بقدرة الله، أما وجود أنواع من المخلوقات تشبه إنساننا الحالي فلا يعني هذا أن ذلك قد تحدر عنه آدم، وإنما المسألة على الشكل التالي إما أن نعتبر تلك الهياكل هياكل بشر، خلقوا قبلنا ثم انتهوا، وإما أن نعتبرها هياكل لمخلوقات غير بشرية مندثرة.
أما النصوص فقطعية في أن آدم خلق مباشرة بيد الله، وأما العلم فإنه يرفض رفضا قاطعا نظرية داروين، ولتراجع ظاهرة الحياة في كتابنا «الله جل جلاله» ثم إن علينا أن نذكر نقطة مهمة جدا وهي أن نصوص الكتاب والسنة لا تحدد تاريخا لوجود آدم عليه الصلاة والسلام.
[فصل في السجود لآدم وبعض دروسه]
- بمناسبة ذكر أمر الله الملائكة بالسجود لآدم، بحث بعض المفسرين هل الملائكة أفضل من البشر أو العكس؟ ولا خلاف بينهم أن الملائكة أفضل من فساق أهل