لقد طالب هذا السياق أهل الكتاب بتوحيد الله ومعرفته، وعبادته، والعمل الصالح، فدل ذلك على أن العبادة مجموعة أمور معرفة الله، والإيمان به، والعمل الصالح له، وهذا أوان الانتقال إلى المقطع الثالث عشر في هذه السورة، وهو المقطع الأخير، وكما بدأ المقطع الأول ب يا أَيُّهَا النَّاسُ ... فإن المقطع الأخير مبدوء ب يا أَيُّهَا النَّاسُ. ولعله من المناسب قبل أن ننتقل إلى المقطع الأخير أن نشير إلى بعض المعاني:
إن الآيات الخمس التي جاءت بعد مقدمة سورة البقرة قد وردت فيها:
اعْبُدُوا رَبَّكُمُ، فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً، فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ، وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ. ولو أنك تأملت المقطع الذي مر معنا لوجدته دعوة إلى التوحيد:
وهكذا نجد مواطأة كاملة للمعاني الموجودة في المحور مع توجه الخطاب لبعض الناس وهم أهل الكتاب. وأما صلة المقطع بما قبله مباشرة فواضحة، فبعد أن دعا المقطع السابق في آيته الأخيرة الناس جميعا للإيمان بالحق الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم، توجه إلى أهل الكتاب بذلك، والآن يعود الخطاب إلى الناس جميعا بالإيمان بالله والاعتصام بالقرآن.
[المقطع الثالث عشر وهو المقطع الأخير]
يمتد هذا المقطع من الآية (١٧٤) إلى نهاية الآية (١٧٦) أي إلى نهاية السورة وهذا هو: