الناس، يرى أنه خير منهم، فهو في نفسه كبير، وهو عند الله حقير، وعند الناس بغيض، يفخر على الناس بما أعطاهم، ويفخر على الناس بما أعطاه الله من نعمه، وهو قليل الشكر لله على ذلك. والسياق يدل على أن من لا يعبد الله، ولا يحسن إلى خلقه، لا بد أن يكون فيه اختيال، وفخر. ولذلك وصف الذين يختالون، ويفخرون بأنهم يبخلون، ويأمرون الناس بالبخل. وأنهم يجحدون نعمة الله عليهم، ولا يظهرونها، لا في العطاء، ولا في البذل. ثم هدد الله الكافرين بالعذاب الأليم. مما يدل على أن الأخلاق المذكورة من اختيال، وفخر، وبخل، وكتمان لفضل الله، إنما هي أخلاق الكافرين، لا أخلاق المؤمنين. ثم وصف الله الكافرين بخلق من أخلاقهم، وهو أنهم إذا
أنفقوا، فإنما يريدون بإعطائهم، السمعة، وأن يمدحوا بالكرم، ولا يريدون بذلك وجه الله. وأنهم لا يؤمنون بالله، ولا باليوم الآخر. وإنما حملهم على صنيعهم القبيح وعدولهم عن فعل الطاعة على وجهها الشيطان، فإنه سول لهم، وأملى لهم، وقارنهم فحسن لهم القبائح. ومن كان الشيطان صاحبه، فساء صاحبا.
ثم خاطبهم الله تعالى بأنه: أي شئ يضرهم لو آمنوا بالله، وسلكوا الطريق الحميدة، وعدلوا عن الرياء إلى الإخلاص؛ رجاء موعوده في الدار الآخرة لمن يحسن عمله، وأنفقوا مما رزقهم الله في الوجوه التي يحبها الله ويرضاها. ثم ذكر الله- عزّ وجل- بعلمه. وهو في هذا السياق يفيد: أنه عليم بنياتهم الصالحة والفاسدة، وعليم بمن يستحق التوفيق منهم فيوفقه، ويلهمه رشده، ويقيضه لعمل صالح يرضى به عنه.
وبمن يستحق الخذلان، والطرد عن جنابه الأعظم، الذي من طرد عن بابه فقد خاب، وخسر في الدنيا والآخرة عياذا بالله من ذلك.
[المعنى الحرفي]
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً. قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل:«أتدري ما حق الله على العباد؟. قال: الله ورسوله أعلم. قال: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. ثم قال: أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ أن لا يعذبهم».
فالأمر الأول، والواجب الأول، هو معرفة الله، وتوحيده، وطاعته، وعدم الشرك به- في شأن ألوهيته، وفي شأن ربوبيته- بشرا، أو حجرا، أو كونا، أو طبيعة، أو مجتمعا، أو غير ذلك. وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً. أي: وأحسنوا بهما