للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ أي في الدنيا والآخرة. في الدنيا بالنصر والظفر، وفي الآخرة بالجنات العاليات. وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ولذلك يعاقبهم في الدنيا والآخرة.

وتختم هذه الفقرة بقوله تعالى ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أي هذا الذي قصصنا عليك يا محمد في أمر عيسى، ومبدأ ميلاده، وكيفية أمره، واصطفائه وأهله، وما أكرمه الله به من المعجزات التي لا شك فيها ولا شبهة ولا ريب، وذلك كله من الذكر الناطق بالحكمة وهو القرآن.

[فائدة]

في قوله تعالى وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ بشارة للمؤمنين إذ نحن المتبعون الحقيقيون لعيسى ولغيره من الأنبياء إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا فإن أحسنا فنحن فوق العالمين جميعا. وهل في النص إشارة إلى أن الأتباع الصوريين لعيسى سيعلون على الكافرين من غير اتباعه؟ يحتمل بعضهم ذلك. وقد أكرمنا الله خلال العصور بغلبة الكافرين من كل جنس ولون. ولقد أصابنا ما أصابنا في الفترة المتأخرة لإهمالنا ديننا، فإن عدنا عاد الله علينا بالنصر، ونحن موعودون بفتح روما، والمستقبل لهذا الدين، وهذا موضوع سيأتي.

[الفقرة الثالثة]

إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ* فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ* إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ.

[المعنى العام]

يبين الله- عزّ وجل- أن خلق عيسى من غير أب في قدرة الله، كخلق آدم من غير أم ولا أب، بل من تراب. فالذي خلق آدم من غير أب ولا أم قادر على أن يخلق عيسى من غير أب بالطريق الأولى أو الأحرى. وإن جاز ادعاء البنوة في عيسى لكونه مخلوقا من غير أب، فجواز ذلك في آدم بالطريق الأولى، ومعلوم بالاتفاق

<<  <  ج: ص:  >  >>