أول السورة وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ في آخر السورة- كل ذلك يعالج أصل القضية، قضية العقيدة الفاسدة التي تنبع عنها المواقف السيئة ..
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ قال ابن كثير: أي هو إله من في السماء، وإله من في الأرض، يعبده أهلها وكلهم خاضعون له أذلاء بين يديه وَهُوَ الْحَكِيمُ في أقواله وأفعاله الْعَلِيمُ بما كان ويكون
وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما قال ابن كثير: أي هو خالقهما ومالكهما والمتصرف فيهما بلا مدافعة ولا ممانعة، فسبحانه وتعالى عن الولد (وتبارك) أي: استقر له السلامة من العيوب والنقائص، لأنه الرب العلي العظيم المالك للأشياء الذي بيده أزمّة الأمور نقضا وإبراما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ أي: علم وقتها أي: لا يجليها لوقتها إلا هو وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فيجازي كلّا بعمله، إن خيرا فخير وإن شرا فشر
وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ أي: يدعونهم مِنْ دُونِهِ أي: من دون الله، أي: لا يملك شركاؤهم وآلهتهم الشَّفاعَةَ كما زعموا أنهم شفعاؤهم عند الله، أي: لا يقدرون على الشفاعة
لهم إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ أي: بكلمة التوحيد وَهُمْ يَعْلَمُونَ أن الله ربهم حقا ويعتقدون ذلك فهؤلاء هم الذين يعطون الشفاعة. قال ابن كثير:(أي لكن من شهد بالحق على بصيرة وعلم فإنه تنفع شفاعته عنده بإذنه)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ أي: المشركين مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ لا الأصنام ولا الملائكة. قال ابن كثير:
أي هم يعترفون أنه الخالق للأشياء جميعها وحده لا شريك له في ذلك، ومع هذا يعبدون معه غيره ممن لا يملك شيئا ولا يقدر على شئ، فهم في ذلك في غاية الجهل والسفاهة وسخافة العقل، ولهذا قال تعالى فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ أي: فكيف، أو من أين يصرفون عن التوحيد مع هذا الإقرار.
[كلمة في السياق]
بعد أن عالجت السورة موضوع العقيدة- كما رأينا- وأقامت الحجة بعد الحجة على أن هذا القرآن من عند الله، وأن محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، تختتم السورة الآن بآيتين فيهما شكوى تعبّر عن حال رسول الله صلّى الله عليه وسلم كأثر عن عدم إيمان قومه، وفيها توجيه من الله عزّ وجل مما يشير إلى أن هؤلاء المشركين دأبهم دأب السابقين من أشباههم الذين كذّبوا الرسل والذين ذكرتهم السورة في بداياتها.