شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (الأنعام: ١٦٢، ١٦٣) أي من هذه الأمة، ولهذا قال في الحديث الثابت عنه:«نحن معاشر الأنبياء أولاد علان ديننا واحد» أي وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وإن تنوعت شرائعنا، وذلك معنى قوله «أولاد علات» وهم الإخوة من أمهات شتى والأب واحد)
*** ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد نوح رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ كهود وصالح وشعيب عليهم السلام فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أي بالمعجزات والأدلة والبراهين على صدق ما جاءوهم به فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ أي قبل بعث الرسل إليهم، أو المعنى: فما كانت الأمم لتؤمن بما جاءتهم به رسلهم بسبب تكذيبهم إياهم أول ما أرسلوا إليهم كَذلِكَ نَطْبَعُ أي نختم عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ فلا تقبل قلوبهم الإيمان كما طبعنا على قلوب أولئك فلم تقبل الإيمان، فكما طبع الله على قلوب المكذبين من الأمم الغابرة بسبب تكذيبهم العدواني المحض، هكذا يطبع الله على قلوب من أشبههم ممن بعدهم، ويختم على قلوبهم، وفي هذا إنذار عظيم لمن يكذب سيد الرسل محمدا صلى الله عليه وسلم الذي هو خاتم الأنبياء والمرسلين، فإنه إذا كان قد أصاب من كذب بتلك الرسل ما أصابهم فماذا يظن هؤلاء وقد ارتكبوا أكبر من ذلك.
[كلمة في السياق]
بدأ المقطع الثاني من القسم الأول بقوله تعالى أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ... وكانت الآية الثانية فيه بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ إلى قوله فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ وكانت الآية الثالثة فيه وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ وهاهنا حدثنا الله عن أمم سابقة كيف كذبت رسلها فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ فالموقف واحد، والأسباب التي تؤدي إلى تلك المواقف واحدة، وصلة هذه الآية بالسياق واضحة، وكونها نموذجا على المعاني التي مرت من قبل لا يحتاج إلى تأمل كبير
[فائدة]
نلاحظ أن الآية ذكرت أن عقوبة الطبع على القلوب كانت- على أحد وجهي التفسير- بسبب الرفض للحق عند ما عرض على القلوب أول مرة- وفي هذا إنذار