للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المنزل. والفاحشة المبينة تشمل الزنا ... وتشمل ما إذا نشزت المرأة أو بذت على أهل الرجل وآذتهم في الكلام والفعال وَتِلْكَ أي: الأحكام المذكورة حُدُودُ اللَّهِ أي: شرائعه ومحارمه وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ أي: يخرج عنها ويتجاوزها إلى غيرها، ولا يأتمر بها فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ أي: بفعل ذلك، لأنه عرضها لعقوبة الله في الدنيا والآخرة لا تَدْرِي أيها المخاطب لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً قال النسفي: (بأن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها، ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها، ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه فيراجعها، والمعنى: فطلقوهن لعدتهن، وأحصوا العدة، ولا تخرجوهن من بيوتهن لعلكم تندمون فتراجعون) وقال ابن كثير: (أي:

إنما أبقينا المطلقة في منزل الزوج في مدة العدة لعل الزوج يندم على طلاقها، ويخلق الله تعالى في قلبه رجعتها، فيكون ذلك أيسر وأسهل). وقد بنى على هذه الآية كثير من الفقهاء كثيرا من الأحكام سنراها في الفوائد،

ثم قال تعالى: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ قال ابن كثير: (يقول تعالى فإذا بلغت المعتدات أجلهن، أي: شارفن على انقضاء العدة، وقاربن ذلك، ولكن لم تفرغ العدة الكلية، فحينئذ إما أن يعزم الزوج على إمساكها وهو رجعتها إلى عصمة نكاحه، والاستمرار بها على ما كانت عليه عنده بِمَعْرُوفٍ أي: محسنا إليها في صحبتها، وإما أن يعزم على مفارقتها بمعروف، أي: من غير مقابحة ولا مشاتمة ولا تعنيف بل يطلقها على وجه جميل وسبيل حسن). وقال النسفي: (أي: فإذا قاربن آخر العدة فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أي: فأنتم بالخيار إن شئتم فالرجعة والإمساك بالمعروف والإحسان، وإن شئتم فترك الرجعة والمفارقة واتقاء الضرار، وهو أن يراجعها في آخر عدتها ثم يطلقها تطويلا للعدة عليها وتعذيبا لها) وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ أي: من المسلمين، قال النسفي: يعني وأشهدوا عند الرجعة والفرقة جميعا، وهذا الإشهاد مندوب إليه لئلا يقع بينهما التجاحد. وذهب عطاء إلى وجوبه.

فقال: لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا رجاع إلا شاهدا عدل، كما قال تعالى، إلا أن يكون من عذر. أقول: إن في إبقاء المرأة في بيت زوجها في العدة ما يدل على أن

الإشهاد مندوب إليه وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ أي: لوجهه خالصا، وذلك أن يقيموها لا للمشهود له ولا للمشهود عليه، ولا لغرض من الأغراض سوى إقامة الحق ودفع الضرر ذلِكُمْ أي: الحث على إقامة الشهادة لوجه الله من أجل القيام بالقسط يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أي: إنما ينتفع به هؤلاء،

<<  <  ج: ص:  >  >>