وأيضا قد أشير فيما تقدم إلى سؤال الكفار عن الساعة على جهة الاستهزاء، وهاهنا قد حكي عنهم إنكارها صريحا، والطعن بمن يقول بالمعاد على أتمّ وجه، وذكر مما يتعلق بذلك ما لم يذكر هناك. وفي البحر أن سبب نزولها أن أبا سفيان قال لكفار مكة لما سمعوا لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ: كأن محمدا يتوعّدنا بالعذاب بعد أن نموت، ويتخوّفنا بالبعث، واللات والعزى لا تأتينا الساعة أبدا، ولا نبعث، فقال الله تعالى: قل يا محمد بلى وربي لتبعثن، قاله مقاتل، وباقي السورة تهديد لهم وتخويف، ومن هذا ظهرت المناسبة بين هذه السورة والتي قبلها. انتهى).
[وقال صاحب الظلال في تقديمه لسورة سبأ]
(القضايا التي تعالجها السور المكيّة في صور شتى، تعرض في كل سورة في مجال كوني، مصحوبة بمؤثرات منوعة، جديدة على القلب في كل مرّة. ومجال عرضها في سورة سبأ هذه هو ذلك المجال، ممثلا في رقعة السماوات والأرض الفسيحة، وفي عالم الغيب المجهول المرهوب. وفي ساحة الحشر الهائلة. وفي أعماق النفس المطوية اللطيفة. وفي صحائف التاريخ المعلومة والمجهولة، وفي مشاهد من ذلك التاريخ عجيبة غريبة. وفي كل منها مؤثر موح للقلب البشري، موقظ له من الغفلة والضيق والهمود).