للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هن اللواتي بين أحكامهن في أول السورة، فهل اتضحت هذه الآية وصلة ما بعدها بها، وما محل ذلك كله في سياقها؟ الآيات الثلاث التالية:

وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً النشوز: أن يتجافى عنها بأن يمنعها نفسه ونفقته، وأن يؤذيها بسب أو ضرب. والإعراض أن يقلل محادثتها ومؤانستها بسبب كبر سن أو دمامة، أو سوء في خلق أو خلق، أو ملال، أو طموح عين إلى أخرى، أو غير ذلك. والمعنى أنه إذا توقعت امرأة ما من زوجها نشوزا أو إعراضا لما لاح لها من مخايله وأماراته، فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً. أي: فلا إثم عليهما أن يتصالحا، وذلك بأن تطيب له نفسا عن القسمة، أو عن بعضها، أو تهب له بعض المهر أو كله أو النفقة.

وَالصُّلْحُ خَيْرٌ. أي: من الفرقة والنشوز، أو من الخصومة في كل شئ. أو المعنى كما أن الخصومة شر من الشرور، فإن الصلح خير من الخيور. وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ. أي: جعل الشح حاضرا لها لا يغيب عنها أبدا، ولا تنفك عنه.

يعني أنها مطبوعة عليه. والمراد هنا أن المرأة لا تكاد تسمح بقسمها أو بشيء لها.

والرجل لا يكاد يسمح بأن يقسم لها أو بشيء إذا رغب عنها، فكل واحد منهما يطلب ما فيه راحته ومصلحته ومنفعته. ثم رفع الله الهمة إلى الإحسان والتقوى، وفي ذلك

حث على مخالفة الطبع، ومتابعة الشرع فقال: وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً. أي: وإن تحسنوا بالإقامة على نسائكم وإن كرهتموهن، وأحببتم غيرهن، وتصبروا على ذلك مراعاة لحق الصحبة، وتتقوا النشوز والإعراض وما يؤدي إلى الأذى والخصومة، فإن الله عليم بإحسانكم وتقواكم وسيثيبكم عليه.

[فوائد]

١ - في سنن سعيد بن منصور عن عروة قال: «أنزل الله في سودة أم المؤمنين رضي الله عنها وأشباهها وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً وذلك أن سودة رضي الله عنها كانت امرأة قد أسنت، ففرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضنت بمكانها منه، وعرفت من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة ومنزلها منه، فوهبت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم» وروى الشافعي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي عن تسع نسوة، وكان يقسم لثمان.

٢ - روى ابن أبي حاتم. جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فسأله عن قول الله- عزّ

<<  <  ج: ص:  >  >>