وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ* وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا .. وقد رأينا فيما بين ذلك الأسباب الكبرى لاستحقاق الكافرين العذاب، وهي الاستهزاء بآيات الله، والاغترار بالدنيا، ولم يبق عندنا في المقطع والسورة إلا آيتان فلنرهما ثم نذكر محلهما في السياق:
فاحمدوا الله الذي هو ربكم ورب كل شئ من السموات والأرض والعالمين، فإن مثل هذه الربوبية العامة توجب الحمد والثناء على كل مربوب
وَلَهُ الْكِبْرِياءُ أي:
العظمة والمجد والسلطان فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ أي: في انتقامه الذي لا يغالب ولا يمانع الْحَكِيمُ في أحكامه وأقواله وأفعاله وشرعه وقدره. قال النسفي في الآية: أي: وكبّروه فقد ظهرت آثار كبريائه وعظمته في السموات والأرض.
كلمة في المقطع والسياق:[حول الربط بين المقطعين الأول والثاني وصلة ذلك بالمحور]
١ - نلاحظ أن السورة بدأت بذكر اسمي الله العزيز الحكيم، وختمت بذكر اسمي الله العزيز الحكيم، وكما رأينا ظهور آثار هذين الاسمين في معاني المقطع الأول. فإن المقطع الثاني كذلك، تظهر فيه معاني الحكمة والعزة، إن في عدم المساواة بين المؤمنين والكافرين، أو في إقامة الحجج على الكافرين أو في ما أعده للمؤمنين والكافرين.
٢ - نلاحظ أن السورة ختمت بذكر استحقاق الله للحمد، واتصافه بالكبرياء، وحكمة ذلك أن السورة ذكرت ما خلق الله عزّ وجل ممّا هو لصالح الإنسان، وذكرت عدل الله، وذكرت إنزاله هذا القرآن وبعض خصائصه، وذكرت ما أعدّ لأهل الجنة، ولأهل النار، وكل ذلك يقتضي من عباده حمدا، ويدلّ على كبريائه وعظمته ومجده.
٣ - نلاحظ أن المقطع الثاني بنى على المقطع الأول، فالمقطع الأول ذكر خصائص للقرآن، وأقام الدليل عليها. وجاء المقطع الثاني ليبين نتائج الإيمان، ونتائج الكفر، وأسباب مواقف الكفر، وبعضا من هذه المواقف. ورد عليها، وصلة ذلك بالمحور وصلة واضحة. وفي الكلمة الأخيرة عن السورة زيادة بيان فلننقل الآن بعض الفوائد.