من تظليل الغمام عليهم في شدة الحر، ومن إنزال المن والسلوى، وغير ذلك من الآيات البينات، الدالات على وجود الفاعل المختار، وصدق من جرت هذه الخوارق على يديه. ومع هذا أعرض كثير منهم عنها. وبدلوا نعمة الله كفرا. فاستبدلوا بالإيمان بها، الكفر بها والإعراض عنها. فاستحقوا بذلك عقوبة الله في الدنيا، وعقوبته في الآخرة.
[المعنى الحرفي]
سَلْ: أي اسأل، وهو أمر للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد. بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ: على أيدي أنبيائهم. وهي معجزاتهم. وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ: وتبديلهم إياها، أن الله أظهرها لتكون أسباب هداهم. فاختاروا الضلال بدل الهدى. وأعظم نعم الله: آياته وشريعته. فآياته سبب الهدى، والنجاة من الضلالة.
وشريعته سبب الهدى في كل شأن. مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ: أي من بعد ما عرفها، وصحت عنده فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ: أي لمن استحق عقابه.
[فائدة]
يدخل في تبديل نعمة الله: أن نستبدل بقانون إسلامي قانونا غير إسلامي، وبدستور الإسلام دستورا غير إسلامي، وبنظام الله نظام البشر، وبالأخلاق الإسلامية الأخلاق الجاهلية، وبمفاهيم الإسلام مفاهيم الجاهلية. وقد فعلت أمتنا هذا كله.
فهل تستغرب بعد ذلك عقابا ينزله الله بنا؟! اللهم إنا نسألك رحمتك.
قد يتساءل متسائل: ما أسباب الزلل؟. وما أسباب استبدال نعمة الله بغيرها؟ في هذه الآية الجواب. فإذا أدركنا هذا، عرفنا الرابطة بين هذه الآية وما قبلها في الفقرة.
إن سبب الزلل، واستبدال نعمة الله كفرا، إنما هو الحياة الدنيا، وزينتها، وشهواتها، والكبر الموجود في قلوب الكافرين مما يجعلهم يحتقرون أهل الإيمان، ويزدرونهم، فيستكبرون بالتالي عن متابعتهم، أو الكون منهم. وذلك أول خطوة من خطوات الشيطان. ولئن فات أهل الإيمان شئ من الدنيا وحظها بسبب الالتزام بشرع