للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراض هي علة عدم الإيمان، وعلة استواء الإنذار وعدمه سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ فلنر تفسير المجموعة ولنا على السياق كلام آخر.

[التفسير]

وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من أصناف الخلق لاعِبِينَ أي ما خلقناهما للهو واللعب، وإنما سويناهما ليستدل بهما على قدرة مدبرهما، ولنجازي المحسن والمسيء على مقتضى حكمتنا، فلم نخلق الخلق إذن عبثا ولا لعبا

لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا أي من عندنا دون أن نخلق الخلق إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ أي إن كنا مما يفعل ذلك، ولسنا ممن يفعله لاستحالته في حقنا، أو المعنى: ما كنا فاعلين

بَلْ شأننا بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ لا أن نتخذ لهوا، والمعنى:

بل من سنتنا أن نرمي ونسلط بالحق على الباطل فَيَدْمَغُهُ أي فيكسره ويدحض الحق الباطل فَإِذا هُوَ أي الباطل زاهِقٌ أي هالك ذاهب وَلَكُمُ الْوَيْلُ أيها الواصفون الله بغير صفاته مِمَّا تَصِفُونَ أي عما تقولونه وتقدمونه

وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خلقا وملكا وَمَنْ عِنْدَهُ يعني الملائكة لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ أي لا يستنكفون عن عبادته وَلا يَسْتَحْسِرُونَ أي لا يتعبون ولا يملون

يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ أي تسبيحهم دائم متصل في جميع أوقاتهم لا تتخلله فترة بفراغ أو بشغل آخر، فتسبيحهم جار مجرى التنفس من الإنسان، فهم دائبون في العمل ليلا ونهارا، مطيعون قصدا وعملا قادرون عليه.

[نقل]

بمناسبة قوله تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ قال صاحب الظلال: (و «بل» للإضراب عن الحديث في موضوع اللهو، والعدول عنه إلى الحديث في الواقع المقرر الذي تجري به السنة ويقتضيه الناموس. وهو غلبة الحق وزهوق الباطل.

والتعبير يرسم هذه السنة في صورة حسية حية متحركة. فكأنما الحق قذيفة في يد القدرة تقذف به على الباطل، فيشق دماغه! فإذا هو زاهق هالك ذاهب، هذه هي السنة المقررة. فالحق أصيل في طبيعة الكون، عميق في تكوين الوجود.

والباطل منفي عن خلقة هذا الكون أصلا. طارئ لا أصالة فيه، ولا سلطان له،

<<  <  ج: ص:  >  >>