[المجموعة الثانية]
[سورة النازعات (٧٩): الآيات ٣٤ الى ٤١]
فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦) فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨)
فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١)
[تفسير المجموعة الأولى من الفقرة الثانية]
أَأَنْتُمْ يا منكري البعث أَشَدُّ خَلْقاً أي: أصعب خلقا وإنشاء أَمِ السَّماءُ أشد خلقا؟ ثم بين كيف خلقها فقال: بَناها أي: الله عزّ وجل
رَفَعَ سَمْكَها قال النسفي: أي: أعلى سقفها فَسَوَّاها أي: فعدلها مستوية بلا شقوق ولا فطور، أقول: إن من عرف أبعاد المجرات وكثرتها أدرك عظمة السماء، وأدرك أن إعادة خلق الإنسان أسهل في تصورات العقل البشري من خلق هذه السماء كما هي
ثم قال تعالى عن السماء: وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها أقول: أي:
أذهب ليلها وأخرج نهارها بمعنى أنه لا ليل لها. وهذا هو واقع السماء إذ الليل وضع محلي لبعض الأجرام
وبعد أن تحدث تعالى عن خلق السماء بعظمتها تحدث عن الأرض فقال:
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ أي: بعد السماء. أقول: في هذه الكلمة معجزة علمية كبيرة سنتحدث عنها في الفوائد دَحاها أي: كورها وفي هذه الكلمة معجزة علمية أخرى
أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها أي: كلأها
وَالْجِبالَ أَرْساها قال ابن كثير: أي: قررها وأثبتها وأكدها في أماكنها
مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ أي:
فعل ذلك تمتيعا لكم ولأنعامكم. قال ابن كثير: (أي: دحا الأرض فأنبع عيونها، وأظهر مكنونها، وأجرى أنهارها، وأنبت زروعها وأشجارها وثمارها، وثبت جبالها لتستقر بأهلها ويقر قرارها، كل ذلك متاعا لخلقه، ولما يحتاجون إليه من الأنعام التي يأكلونها ويركبونها مدة احتياجهم إليها في هذه الدار إلى أن ينتهي الأمد وينقضي الأجل). أقول: أقام السياق الحجة على منكري البعث من خلال نقطة هي: إن