وقالت سورة يس: إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فاجتمع من السورتين أن الذي يقبل الإنذار هو الخائف من الله، المصلي المتّبع لكتاب الله، وبالتالي فهو الحي كما قالت سورة (يس): لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا فسورة فاطر ذكرت بداية الطريق، وأكملت هذه البداية سورة يس؛ فذكرت الأساس الذي يقوم عليه تلقي دعوة الرسول صلّى الله عليه وسلم، ومن قبل ذكرت سورة سبأ الأسس العامة للقيام بالتكليف، فلو رجعنا إلى سورة سبأ فإننا نلاحظ أنّها ذكّرت بالشروط اللازمة لقضية الشكر التي هي القيام بالتكليف، ثم جاءت سورتا فاطر ويس، فذكّرتا ببداية السير العملي، وبهذا تكاملت السور الثلاث في تبيان الهدف، ونقطة البداية فيه، والطريق إليه، فإذا تذكرنا السور الأربع: العنكبوت، والروم، ولقمان، والسجدة، التي فصّلت في قضية الإيمان العملي والنظري، وتذكرنا سورة الأحزاب، التي رسمت الطريق للتحقق، نعلم كيف تكاملت مواضيع المجموعة، وكيف أدّت كل سورة محلها في هذا التكامل.
...
فالسور الأربع الأولى حدّدت خريطة الإيمان النظري والعملي، وسورة الأحزاب حددت الطريق للتحقق بذلك. وجاءت سورة سبأ لتبيّن ماهية الشكر الذي هو مجموع ما ورد في السور الخمس السابقة، وتبين كل الشروط اللازمة للتحقق به، ثم جاءت