للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحنفية: بأن استمروا على ترك الوطء، ولم يفيئوا خلال الأربعة أشهر. وقال الشافعي: بعد مضي الأربعة أشهر فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ سميع للإيلاء، عليم بالنيات. وهو وعيد على إصرارهم وتركهم الفيئة. وفي مجيء آيتي اليمين قبل هذا، عظة لمن يؤلي من زوجته أن يراجع نفسه ..

[فوائد]

١ - في الصحيحين عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهرا. فنزل لتسع وعشرين، وقال: «الشهر تسع وعشرون» وهذه عملية تأديبية منه عليه الصلاة والسلام اقتصر فيها على ما يحتاجه التأديب.

٢ - في قوله تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ. دليل على أن الإيلاء يختص بالزوجات، دون الإماء، كما هو مذهب الجمهور فإذا آلى من أمته فلا يترتب عليه أن تطالبه إذا انقضت مدة ما بحقوق وإذا فاء فعليه الكفارة.

٣ - على الحالف المولي إذا فاء خلال الأربعة أشهر، الكفارة. وإذا فاء بعد الأربعة أشهر على مذهب الشافعية، التكفير، لعموم وجوب التكفير على كل حالف. وهو مذهب الجمهور. وهذا إذا كان يمينه على التأبيد. أما إذا كان مؤقتا بالأربعة أشهر فلا كفارة عليه.

٤ - جعل الأربعة أشهر هي الحد في الإيلاء، دليل على أن الأربعة أشهر هي الحد بين الضرار بالمرأة بترك الجماع، وعدمه. وبهذه المناسبة يروي الفقهاء الأثر الذي رواه الإمام مالك بن أنس رحمه الله فى الموطأ عن عبد الله بن دينار قال: خرج عمر بن الخطاب من الليل، فسمع امرأة تقول:

تطاول هذا الليل واسود جانبه ... وأرقني أن لا خليل ألاعبه

فو الله لولا الله أني أراقبه ... لحرك من هذا السرير جوانبه

فسأل عمر ابنته حفصة رضي الله عنها كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت:

ستة أشهر، أو أربعة أشهر. فقال عمر: لا أحبس أحدا من الجيوش أكثر من ذلك.

٥ - فهم الشافعي أن الفاء بقوله تعالى: فَإِنْ فاؤُ للتعقيب. ومن ثم قال:

الطلاق بعد مضي المدة. أما الحنفية فقالوا: إن الفاء للتفصيل، والتفصيل يعقب المفصل، كما تقول: أنا نزيلكم هذا الشهر. فإن أحمدتكم أقمت عندكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>