وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً أكثر المفسرين على أن المراد بها الملائكة، والعرف يحتمل أنه المعروف، ويحتمل أنه عرف الفرس، فعلى الأول يكون المعنى: والملائكة المرسلات بالإحسان والمعروف، وفي ذلك إشارة إلى أن الوحي كله معروف لا شر فيه، إذ به يرسل الله ملائكته إلى رسله، وعلى المعنى الثاني يكون المعنى: والملائكة المرسلات متتابعات كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضا في مواكب تأتي مع الوحي، أو تأتي إلى الأرض لتقوم بوظائفها كحضور حلقات الذكر، وحضور الصلوات.
فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً جزم ابن جرير بأن المراد بالعاصفات الرياح، وهو قول ابن مسعود وعلي بن أبي طالب وكثيرين. قال ابن كثير:(العاصفات هي الرياح ويقال: عصفت الرياح إذا هبت بتصويت). أقول: إن بين ذكر الملائكة المرسلة والرياح العاصفة مناسبة واضحة. فالملائكة تأتي بالخير من وحي وبشارة ونصر وسكينة، والرياح تأتي بالخصب والمطر، ففيما بين القسم بالملائكة والقسم بالرياح مناسبة واضحة، والقسم بالرياح معطوف بالفاء على القسم بالملائكة، مما يشير إلى أن الخير الذي تأتي به الملائكة مقدم على الخير الذي تأتي به الرياح، فشتان بين الخير الذي هو غذاء الأرواح والعقول والقلوب، والخير الذي هو غذاء الأجسام، وجواب القسم سيأتي فيما بعد، والمعروف أن حرف القسم الرئيسي هو الواو الذي سيذكر