للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمكذبين، والتخلية بينهم وبين الجبار القهار صاحب الدعوة وصاحب المعركة!.

وتنتهي بلمسة الرفق والرحمة والتخفيف والتيسير. والتوجيه للطاعات والقربات، والتلويح برحمة الله ومغفرته: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

وهي تمثل بشطريها صفحة من صفحات ذلك الجهد الكريم النبيل الذي بذله ذلك الرهط المختار من البشرية- البشرية الضالة- ليردها إلى ربها، ويصبر على أذاها، ويجاهد في ضمائرها؛ وهو متجرد من كل ما في الحياة من عرض يغري، ولذاذة تلهي، وراحة ينعم بها الخليون، ونوم يلتذه الفارغون!).

[كلمة في سورة المزمل ومحورها]

بعد مقدمة سورة البقرة مباشرة يأتي قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وهي في محلها هناك تشرح الطريق إلى التقوى، وهاهنا نجد سورة المزمل تأتي مبتدئة بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ... فهي تفصل في موضوع العبادة كطريق للتقوى، وتذكر أنواعا من العبادات ينبغي أن تؤدى.

وكنا ذكرنا من قبل أن السورة التي تأتي لتفصل في مثل هذا المقام تفصل بما يخدم المعاني التي ذكرت قبلها في مجموعتها، ومن ثم فسورة المزمل تدل على الطريق الذي يؤدي إلى القيام بحق المعاني المذكورة في السور الأربع قبلها.

وكنا ذكرنا من قبل أن سورتي المزمل والمدثر تفصلان في محوري سورتي النساء والمائدة، فسورة المزمل تفصل في محور سورة النساء، وسورة المدثر تفصل في محور سورة المائدة، وسنرى برهان ذلك أثناء عرض السورتين.

تتألف سورة المزمل من فقرتين: فقرة طالبت بالحد الأعلى من السير إلى الله عزّ وجل، والقيام بحقوق عبوديته، وفقرة طالبت بالحد الأدنى الذي لا يسع أحدا أن ينقص منه، والملاحظ أن الحد الأعلى خوطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الحد الأدنى كان ترخيصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وفي توجيه الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحده

<<  <  ج: ص:  >  >>