أدخلها أنا، وعلى الأمم حتى تدخلها أمتي» وقيل: تقدمهم في البعث، وأصل الصدق ما يكون في الأقوال، ويستعمل- كما قال الراغب- في الأفعال فيقال: صدق في القتال إذا وفاه حقه، وكذا في ضده يقال: كذب فيه، فيعبر به عن كل فعل فاضل ظاهرا أو باطنا، يضاف إليه كمقعد صدق، ومدخل صدق، ومخرج صدق، إلى غير ذلك.)
[كلمة في السياق]
محور هذه السورة كما قلنا من قبل- أول آية في سورة البقرة وهي قوله تعالى: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ فهي تفصيل لهذه الآية، ومن ثم فإن هذه السورة تستأصل الشك، وتهيج على اتباع القرآن، ووصف القرآن بالحكمة في الآية الأولى، والبدء في هذا المقطع بعرض عجب الكافرين من الوحي، والتعجب منه، هو سير في هذا الطريق، فالشك بالقرآن تعود أسبابه إما إلى الشك بأصل الوحي، أو الشك بالموحى إليه. وهذا المقطع الذي بين أيدينا ينسف الشك بأصل الوحي بتبيان أن وحي الله وإرسال الرسل ضرورة لا محيص عنها. فكيف تكون مستغربة! وقد ذكر المقطع عدة مجموعات من الآيات، كل مجموعة تنسف العجب من إنزال الوحي بشكل من الأشكال، فلننتقل الآن إلى عرض المجموعة الأولى لنرى ما قلناه واضحا:
[المجموعة الأولى]
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ فهو مربيكم وسيدكم ومالككم، ومن كان كذلك فكيف يترككم بدون هداية ووحي وإنذار! الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وهل هي كأيامنا، أو كل يوم منها بألف سنة، أو المراد غير هذه وهذه؟ أقوال للمفسرين وستأتي. ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ قال ابن كثير:(والعرش أعظم المخلوقات وسقفها) أقول: العرش مخلوق غيبي، يجب الإيمان به، ونمسك عن التفصيل في شأنه، إلا في الحدود التي فصلت فيها النصوص، والنص في سياقه يفيد أن من كانت السموات والأرض خلقه، والعرش في سلطانه، فكيف يستغرب أن يوحي إلى خلقه ليوجههم ويأمرهم وينهاهم. يُدَبِّرُ الْأَمْرَ أي أمر الخلق كله. وأمر ملكوت السموات والأرض والعرش. ومعنى (يدبر) يقضي ويقدر على مقتضى الحكمة، بدأ بالتذكير بربوبيته وما يدل على عظمته وملكه، من خلقه السموات والأرض، وأتبعها بتذكيره بتدبير أمر الخلق كله؛ ليعلم الجاحدون رسالاته أن الذي يدبر السموات والأرض يدبر البشر بإرساله رسلا لهم، وإنزاله وحيا عليهم. ما مِنْ