للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة أن يموت الجيل الذي خرج من مصر. الجيل الذي تربى في الذّل، والقهر، وطراوة العيش؛ لكي ينشأ خلالها جيل أشدّ، وأقسى، وأقدر على تحمل لأواء الجهاد.

[المعنى الحرفي للفقرة الثالثة]

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ. أي: واتل على أهل الكتاب هذه القصة ليروا ما يجرّ إليه الحسد إذ جرّ في هذه القصة إلى قضيتين: قطع ما أمر الله به أن يوصل وهو الرحم، والقتل الذي هو أفظع أنواع الإفساد في الأرض، وإذا ربطنا هذا الموضوع في السياق الكلي الذي عرّفنا أن نقض الميثاق وقطع ما أمر الله به أن يوصل، والإفساد في الأرض، قضايا مترابطة، وأنّ تحرير الإنسان منها هو الطريق إلى الهداية، وأن سورة المائدة تفصّل في ذلك، ثم ربطنا بين هذه الفقرة وبين مقطعها فإننا ندرك كيف أنّ هذه القصة تخدم أكثر من قضية لها صلة في السياق، فهي تخدم في موضوع تحرير الإنسان من الإفساد فى الأرض، وتخدم في موضوع نصرة الرّسل إذ لم يبتعد من ابتعد من أهل الكتاب عن الإيمان برسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا أثرا عن الحسد، وتخدم في التحرير من قطع ما أمر الله به أن يوصل إلى غير ذلك: نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ. أي: خبرهما وأكثر المفسرين على أنّ المراد بهما هابيل وقابيل ابني آدم من صلبه ويشهد لذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد وغيره أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سنّ القتل». بِالْحَقِّ. أي: خبرا ملتبسا بالصدق، أو تلاوة ملتبسة بالصدق والصحة، أو واتل عليهم وأنت محق صادق. وذكر الحق في هذا السياق مشعر بأنّ النّص القرآني لا يحتاج إلى ما يؤيده من غيره لأنه حجة على كل شئ، وليس من شئ حجة عليه. إِذْ قَرَّبا قُرْباناً القربان: ما يتقرّب به إلى الله من نسيكة أو صدقة ومعنى النص إذ قرب كل واحد منهما قربانه. فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما. أي: قربانه وهو هابيل. وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ أي: قربانه وهو قابيل. قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ القائل هو قابيل قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ كأن هذا جواب السؤال قال لم تقتلني؟ قال لأن الله قبل قربانك ولم يقبل قرباني. فقال:

إنما يتقبل الله من المتقين. وأنت غير متّق. فإنما أتيت من قبل نفسك لانسلاخها من لباس التقوى لا من قبلي

لَئِنْ بَسَطْتَ. أي: مددت إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ. أي: بماد يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ. أي: لا أقابلك على صنيعك الفاسد بمثله فأكون أنا وأنت سواء في الخطيئة، ثمّ بيّن علّة امتناعه عن القتل بقوله: إِنِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>