للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بين يدي المجموعة الثالثة]

هذه المجموعة تتحدث عن الذين لا يؤمنون بآيات الله، والذين يفترون الكذب على الله. وتتحدث عن الردة عن الإسلام، والإكراه على ترك الإسلام، وعما يغفر الله به لمن فتن عن دينه.

والصلة بين هذه المجموعة وما قبلها مباشرة واضحة، فما قبلها كلام عن شبه الكافرين حول هذا القرآن. وهذا كلام عن الذين لا يؤمنون بهذا القرآن. والصلة بين هذه الآيات وبين نهاية القسم السابق واضحة. فتلك حديث عن القرآن والمسلمين، وهاهنا حديث عن القرآن والذين لا يؤمنون، ونؤخر الكلام عن الصلة بين هذه المجموعة ومحورها من سورة البقرة إلى ما بعد تفسير المجموعة.

[التفسير]

إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ أي بالقرآن لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ ما داموا مختارين للكفر وَلَهُمْ أي في الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ على كفرهم. أخبر تعالى أنه لا يهدي من أعرض وتغافل عما أنزله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فهذا الجنس من الناس لا يهديهم الله إلى الإيمان بالله، وما أرسل به رسله، ولهم عذاب أليم موجع في الآخرة

إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ على الله الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ أي إنما يليق افتراء الكذب بمن لا يؤمن؛ لأنه لا يترقب عقابا وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ أي على الحقيقة، الكاملون في الكذب الذين لا يقيّدهم قيد، وهو ردّ لقولهم إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ وقولهم إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ فالآية رد على الشبهتين السابقتين، ومن ثم فالصلة كاملة بين هذه المجموعة وما قبلها مباشرة قال ابن كثير:

«أخبر تعالى أن رسوله صلّى الله عليه وسلّم ليس بمفتر ولا كذاب، لأنه إنما يفتري الكذب على الله وعلى رسوله صلّى الله عليه وسلّم شرار الخلق الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ من الكفرة والملحدين المعروفين بالكذب عند الناس، والرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم كان أصدق الناس، وأبرهم وأكملهم علما وعملا، وإيمانا وإيقانا، معروفا بالصدق في قومه، لا يشك في ذلك أحد منهم، بحيث لا يدعى بينهم إلا بالأمين محمد، ولهذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن تلك المسائل التي سألها من صفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان فيما قال له: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا، فقال هرقل: فما كان ليدع الكذب على الناس ويذهب فيكذب على الله عزّ وجل».

<<  <  ج: ص:  >  >>