وحدها وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ من الخير والطاعة، فيثيبكم أحسن الثواب، قال الألوسي في تفسير قوله تعالى وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ بعد أن ذكر اتجاهات للعلماء في الآية:(وقيل: أي ولذكر العبد لله تعالى أكبر من سائر أعماله، وروي عن جماعة من السلف ما يقتضيه. أخرج أحمد في الزهد. وابن المنذر عن معاذ بن جبل قال:
ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله تعالى من ذكر الله تعالى، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله تعالى، ولا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع، لأن الله تعالى يقول في كتابه: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن أبي الدرداء قال: (ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأحبها إلى مليككم، وأسماها في درجاتكم، وخير من أن تغزوا عدوكم فيضربوا رقابكم وتضربوا رقابهم، وخير من إعطاء الدنانير والدراهم؟ قالوا: وما هو يا أبا الدرداء؟ قال: ذكر الله تعالى وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ). وأخرج ابن جرير عن سلمان أنه سئل أي العمل أفضل؟ قال: أما تقرأ القرآن؟ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ لا شئ أفضل من ذكر الله. ونسب في البحر إلى أبي الدرداء، وسلمان رضي الله تعالى عنهما القول الذي ذكرناه أولا عمن سمعت. ولعل ذلك إحدى روايتين عنهما. وجاء عن ابن عباس أيضا رواية تشعر بأن المراد بذكر الله تعالى ذكر العبد له سبحانه.
أخرج سعيد بن منصور. وابن أبي شيبة. وابن المنذر. والحاكم في الكنى.
والبيهقي في شعب الإيمان عن عنترة قال: قلت لابن عباس رضي الله تعالى عنهما أي العمل أفضل؟ قال: ذكر الله أكبر، وما قعد قوم في بيت من بيوت الله تعالى يدرسون كتاب الله ويتعاطونه بينهم إلا أظلتهم الملائكة بأجنحتها، وكانوا أضياف الله تعالى ما داموا فيه حتى يفيضوا في حديث غيره، وما سلك رجل طريقا يلتمس فيه العلم إلا سهّل الله تعالى له طريقا إلى الجنة).
كلمة في السياق:[حول صلة مقدمة المقطع بالسياق العام للسورة]
بعد أن بيّن الله عزّ وجلّ أنّه لا بدّ من فتنة وامتحان؛ ليتميّز الصادق من الكاذب. جاء هذا الأمر الذي يأمر بتلاوة القرآن والصلاة والذكر، وكأنه يدلنا على الزاد في المحنة أو على طريقة تلقيها للنجاح في تجاوزها: تلاوة القرآن فإنها الزاد المذكّر، وإقامة الصلاة والمحافظة عليها فإنّها نعم المعين، قال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة: ٤٥] وذكر الله الدائم فإنّه نعم الأنيس فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ