١ - إن الإيمان بالغيب عليه مدار الإسلام كله، والإيمان بالله هو مرتكز الإيمان بالغيب؛ فمنه يتفرع الإيمان بالرسل، وعن الإيمان بالله والرسل يتفرع الإيمان بالملائكة الذين هم الواسطة بين الله والرسل، وعن الإيمان بالله يتفرع الإيمان باليوم الآخر والقدر، وعن الإيمان بالله والرسل يتفرع الإيمان بالكتب، ومن ثم نلاحظ أن السورة قدمت بالتعريف على الله وصفاته.
٢ - سيأتي بعد هذه المقدمة مباشرة أمر بالإيمان بالله والرسول والإنفاق، مما يشير إلى أن المقدمة ذكرت الأساس الذي يقوم عليه الإيمان بالله والرسول والإنفاق،
فإنفاق المسلم أثر عن إيمانه بمالكية الله للأشياء كلها، ومن ثم فهو يتصرف في المال بما يتفق وأمر الله- عزّ وجل- الذي هو المالك الأصيل.
٣ - وصفت مقدمة سورة البقرة المتقين بأنهم: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ.
وقد حدثتنا مقدمة سورة الحديد عن أصل من الأصول في موضوع الإيمان بالغيب، وعن الأصل الذي ينبثق عنه موضوع الإنفاق، وكل ذلك مقدمة مباشرة للأمر بالإيمان بالله ورسوله أي: بالشهادتين اللتين تتضمنان أركان الإيمان، ومقدمة للأمر بالإنفاق الذي هو علامة الإيمان وبرهانه كما قال عليه الصلاة والسلام «والصدقة برهان».
٤ - نلاحظ أن سورا كثيرة فيما سبق من قسم المفصل ركزت على موضوع الصلاة بشكل أوسع مما ركزت فيه على موضوع الإنفاق، كما رأينا ذلك في سورة الذاريات والطور والنجم، ومن ثم نلاحظ أن هذه المجموعة وهي الثانية في قسم المفصل تركز على موضوع الإنفاق أكثر مما تركز على موضوع الصلاة، وهذا نوع من التكامل بين مجموعات المفصل، ومظهر من مظاهر التنوع في الدعوة إلى المعاني التي تضمنتها مقدمة سورة البقرة.
٥ - نلاحظ أن المقطع الرئيسي في السورة- الذي يأتي بين مقدمة السورة وخاتمتها- بدأ بالأمر بالإيمان بالله والرسول صلى الله عليه وسلم والإنفاق، ثم ركز على هذه النقاط