للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدمة سورة البقرة، وفصلت في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وفصلت في قوله تعالى: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وفصلت فيما يقابل ذلك من أخلاق الكفر والنفاق، وسنرى أن سورة الجمعة ستفصل في مقدمة سورة البقرة، ولكن في معان أخرى، ولننقل الآن بعض الفوائد المتعلقة ببعض الآيات.

[فوائد]

١ - بمناسبة قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ قال ابن كثير: (إنكار على من يعد وعدا أو يقول قولا لا يفي به، ولهذا استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب من علماء السلف إلى أنه يجب الوفاء بالوعد مطلقا، سواء ترتب عليه عزم للموعود أم لا، واحتجوا أيضا من السنة بما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «آية المنافق ثلاث إذا وعد أخلف، وإذا حدث كذب، إذا اؤتمن خان».

وفي الحديث الآخر في الصحيح: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها» فذكر منهن إخلاف الوعد، ولهذا أكد الله تعالى هذا الإنكار عليهم بقوله تعالى: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ. وقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا صبي فذهبت لأخرج لألعب فقالت أمي: يا عبد الله تعال أعطك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما أردت أن تعطيه؟» قالت: تمرا، فقال: «أما إنك لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة» وذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى إلى أنه إذا تعلق بالوعد عزم على الموعود وجب الوفاء به، كما لو قال لغيره: تزوج ولك علي كل يوم كذا، فتزوج وجب عليه أن يعطيه ما دام كذلك؛ لأنه تعلق به حق آدمي وهو مبني على المضايقة، وذهب الجمهور إلى أنه لا يجب).

٢ - بمناسبة قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ قال ابن كثير: (فهذا إخبار من الله تعالى بمحبته عباده المؤمنين إذا اصطفوا مواجهين لأعداء الله في حومة الوغى يقاتلون- في سبيل الله- من كفر بالله لتكون كلمة الله هي العليا ودينه هو الظاهر العالي على سائر الأديان. روى الإمام أحمد ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة يضحك الله إليهم: الرجل يقوم من الليل، والقوم إذا صفوا للصلاة، والقوم إذا صفوا

<<  <  ج: ص:  >  >>