للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- كما ترى- تصل بسبب إلى قوله تعالى في المحور وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ (البقرة: ٤) إذ إنّها تبيّن أنّه لا يوجد أظلم ممّن لم يؤمن بالحق الذي أنزله الله على محمّد عليه الصلاة والسلام، كما أنّ قوله تعالى قبل ذلك:

وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ. يصل بسبب إلى قوله تعالى في مقدمة سورة البقرة: وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (البقرة: ٤) وقد بقيت معنا آية في السورة تربط مقدمة السورة بنهايتها، وتفصّل في المحور وهذه هي:

....

وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا أي في حقنا ومن أجلنا ولوجهنا خالصا، وقد أطلق المجاهدة ليتناول كل ما تجب مجاهدته من النفس والشيطان وأعداء الدين لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا أي لنبصّرنّهم طرقنا في الدنيا والآخرة، أو لنزيدنّهم هداية إلى سبل الخير وتوفيقا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ بالنصرة والمعونة في الدنيا، وبالثواب والمغفرة في العقبى.

[كلمة في السياق]

١ - بدأت مقدمة السورة بتصحيح تصورين: تصور المؤمنين في ظنهم أنّهم لا يبتلون، وتصور الكافرين في ظنهم أنهم لا يعاقبون. ثم جاء قوله تعالى:

مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ.

ثم سار السياق حتى ختمت السورة بهذه الآية التي ترينا الجزاء العاجل لمن جاهد في الله، وهكذا نجد أن أوائل السورة مرتبط بآخرها وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ. آية قالت للمؤمن: إنّ منفعة جهادك عائدة عليك، والآية الأخيرة تقول له: إذا جاهدت فإني سأمنحك وأعطيك وأنصرك، وهكذا بيّنت السورة أن الجهاد خلق المسلم، وأن الامتحان مرتبط بالإيمان، وأن الصبر هو علامة صدق المؤمن، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، ليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل».

<<  <  ج: ص:  >  >>